تكرر خلال الأيام الفائتة حوادث العثور على أطفال حديثي الولادة في كراتين أمام المساجد والطرقات ألقت بهم أمهاتهم للخلاص من جرم لا ذنب للصغار الأبرياء فيه، حتى كدنا أن نشعر أننا أمام ظاهرة جديدة طرأت على مجتمعنا تستوجب التصدي لها ومواجهتها بقوة وشجاعة لا الاكتفاء بتقديم الرعاية الطبية للطفل ومن ثم تتبناه إحدى الأسر المواطنة ويتمتع بكافة الحقوق التي يكفلها له القانون باعتباره طفلا «لقيطا» نخشى ما نخشاه أن تتزايد أعدادهم ويصبح لدينا في المستقبل جيل يصبح نقمة على المجتمع جراء ما يعيشه بل قل ما يعانيه حين يكبر.
هؤلاء، كما قلت، بلا ذنب فهم ليسوا أكثر من ثمرة علاقات مشبوهة نمت ودامت في الظلام، والجناة في معظم الأحوال «خادمات هاربات»، ورجال «سائبون» وجدوا لديهن ضالتهم، والنتيجة كم من الأطفال على المجتمع أن يتحمله ويعتبرهم أبناءه وكأنها ضريبة يدفعها جراء قصور في إجراءات التعامل مع أشخاص يعيشون في الظلام ويعيثون فسادا، ومتى ما فاحت رائحتهم.
وأصبح المستور على وشك أن يفضح، وما ارتكبوه أصبح حاضرا بين أيديهم وضعوا الأبرياء في صناديق وألقوا بها في الطرقات وأمام المساجد لعلمهم أن الأمر لن يتعدى خبر وصورة في الصحف المحلية ومن ثم تبني الطفل ويا دار ما دخلك شر.
هنا نرى أنه لا بد للسلطات الأمنية وغيرها من الوقوف مليا عند هذه الممارسات وهذا الاستغلال السافر لمساحة الحرية والمرونة في التعامل ومراجعة الكثير منها، فلا نجد أنفسنا أمام أبناء لم تسع السلطات بجدية للتوصل إلى والديهم وإعادتهم إليهم وأصبح المجتمع معنيا برعايتهم وتربيتهم وتبنيهم باعتبارهم أبناءه، وهو ما لن يكون ولن يحدث مهما كان المجتمع رحيما ومهما كان أهله متسامحا ومتفهما ظروف وملابسات ولادة هؤلاء الأطفال الذين بالطبع لن يبقوا طوال حياتهم أطفالا.
نقول ونؤكد أن المجتمع ليس مضطرا لتحمل نزوات وجرائم يرتكبها غرباء فتح لهم أبوابه للعمل والإقامة وعليه لا بد من اتخاذ تدابير تضمن عدم وقوع مثل هذه الحوادث، وإن حدثت فليتحمل مرتكبها نتائج خطيئته كما حدث في طفلة «كورنيش عجمان» التي لم تكتف السلطات بإيجاد من يتبناها وتطمئن على تأمين الرعاية لها بل بحثت عن والديها حتى توصلت إلى أمها ومن ثم إلى شريكها وبالتالي تسليمهما طفلتهما. ولعل إجراء مثل احتفاظ عينة من الحمض النووي ضمن ملف كل مقيم في الدولة كان أحد التدابير الواجب اتخاذها.