الشيخ عطية صقر
رئيس لجنة الفتوى بالأزهرالشريف سابقا.
شهر رمضان شهر عبادة ليلا ونهارا؛ أما بالليل فبالقيام بصلاة التراويح وقراءة القرآن،
وأما بالنهار فبالصيام، والجزاء على ذلك وردت فيه نصوص كثيرة، وفي حديث واحد جمع ثواب الصيام والقرآن،
فقال صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: يا رب منعته الطعام والشهوة بالنهار فشفعني فيه،
ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان" رواه أحمد والطبراني والحاكم وصححه
ولو نام الصائم طول النهار فصيامه صحيح، وليس حراما عليه أن ينام كثيرا مادام يؤدي الصلوات في أوقاتها،
وقد يكون النوم مانعا له من التورط في أمور لا تليق بالصائم، وتتنافى مع حكمة مشروعية الصيام،
وهي جهاد النفس ضد الشهوات والرغبات التيمن أهمها شهوتا البطن وشهوة الفرج،
ويدخل في الجهاد عدم التورط في المعاصي مثل الكذب والزور والغيبة،
فقد صح في الحديث: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نوم الصائم عبادة
وردّ الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عن سؤال فيما يخص مشاهدة الاسواق و المحلات
التي تفتح أبوابها إلى ساعة متأخرة من الليل في شهر رمضان تستقبل بعض المسلمين والمسلمات مما يضطرهم لنوم نهار رمضان كله.
أصحاب المحلات التجارية يجب عليهم المحافظة على طاعة الله ومشاركة المسلمين في مواسم الخيرات في رمضان وغيره
وألا يضيعوا كل الوقت بالبيع والشراء وفتح محلاتهم،
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِاللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [سورةالمنافقون: آية 9]،
ويقول تعالى: {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [سورةالنور: آية 37]،
ثم في فتحهم محلاتهم معظم الوقت إغراء للآخرين على السهر والتجوال وتعريض للفتنة بين الرجال والنساء، فيكون عليهم إثم في ذلك، لأنهم السبب، والواجب على ولاة الأمور -وفقهم الله- تحديد الوقت المناسب لفتح المحلات الذي لا يتعارض مع أداء الطاعات، ولا يكون سبباً يعرض الناس للفتن، وإضاعة الأوقات الثمينة.
ويضيف الشيخ من نام نهار رمضان كله؛ فصيامه صحيح إذا كان نوى الصيام قبل طلوع الفجر، ولكن يحرم
عليه ترك أداء الصلوات في مواقيتها وترك صلاة الجماعة إن كان ممَّن تجب عليه صلاة الجماعة،
فيكون قد ترك واجبين يأثم عليهما أشدّ الإثم؛ إلا إذا كان ذلك ليس من عادته، وإنما
حصل منه نادرًا، مع نيته القيام للصلاة.
وبالمناسبة؛ فإنه من المؤسف جدًّا أن كثيرًا من الناس اعتادوا السهر في رمضان، فإذا أقبل الفجر؛
تسحروا وناموا جميع النهار أو معظمه، وتركوا الصلوات، مع أن الصلوات آكد من الصيام
وألزم، بل لا يصح الصيام ممن لا يصلي، والأمر خطير جدًّا، والسهر الذي يسبب النوم عن أداء
الصلاة سهر محرم، وإذا كان سهرًا على لهو ولعب أو فعل محرمات؛ فإن الأمر أخطر،
والمعاصي يعظم إثمها ويشتدُّ خطرها في رمضان وفي الأزمنة والأمكنة الفاضلة أشدّ من غيرها.