ولد السلطان محمد الثاني بن مراد الثاني بن محمد جلبي في 26 رجب سنة 833ه ولقب بالفاتح لأنه فتح القسطنطينية معقل الدولة البيزنطية، بويع السلطان محمد الفاتح سنة 855ه وكان عمره إذ ذاك 22 عاما، وبدأ عهده بالإعداد لغزو القسطنطينية، التي كانت معقلا من معاقل الروم، وأراد أيضا أن ينال هذا الشرف العظيم بفتح هذه المدينة الحصينة التي بشر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بفتحها وأثنى على فاتحها بقوله صلى الله عليه وسلم «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش». رواه أحمد.
وقد حاول المسلمون فتحها من قبل عدة مرات فاستعصت عليهم حتى تم فتحها على يد هذا الفاتح العظيم، وقد كان يأمر جنوده بالصيام قبل الهجوم بيوم لتزكو نفوسهم، ويأمرهم بالذكر والاستغفار ويخوفهم من ذنوبهم لأن الذنوب تحجب النصر، وكان القادة يتلون على الجند آيات الجهاد. وحينما فتح الله القسطنطينية على المسلمين ترجل محمد الفاتح عن فرسه واستقبل القبلة وسجد على الأرض شكرا لله وقال: ليرحم الله الشهداء، وتلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بشر فيه بفتح القسطنطينية واطلق على المدينة اسم «إسلامبول» أي مدينة الإسلام، ونهى جنوده عن السلب والنهب، ثم توجه إلى كنيسة «أيا صوفيا» وأمر بتحويلها إلى مسجد وأدى صلاة العصر فيها، وبهذا الفتح، الذي أتمه الله على يديه وهو ابن خمسة وعشرين عاما، بدأ نور الإسلام يتسع في أوروبا الشرقية، فواصل محمد الفاتح غزو بلاد البلقان والصرب والبوسنة والهرسك وأثينا وبعض الجزر اليونانية.
وكان يأمل فتح رومية (روما) تحقيقا لبشارة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأقسم - إن مد الله في عمره - بأنه سيربط فرسه بكنيسة القيامة في روما، فأعد من أجل ذلك جيوشا جرارة، وتوجه إلى روما مخترقا بلاد أوروبا، ولكنه في الطريق وافته المنية في 4 ربيع أول سنة 886ه، عن عمر يناهز 53 سنة، بعد ان حكم اكثر من ثلاثين سنة، قضاها كلها في الجهاد والغزو.