الباروكة والحجاب
كتب إقبال الأحمد :
لفت نظري في مسلسلات رمضان، التي اتابع جزءا منها برضا او رغما عني، لانها على كل فضائية وتلفزيون طوال ساعات البث، شخصيتان فنيتان (رجل وامرأة) اعتزلا الفن لسنوات طويلة بعد ان قطعا شوطا كبيرا في عالم الافلام والمسلسلات بحجة التدين والالتزام الديني الذي يحرم الفن.
ولكن هاتين الشخصيتين عادتا الى التمثيل ولكل منهما حجته وتبريره للعودة الى التمثيل او ما كان حراما، فالممثل عاد بلحيته البيضاء وهو الرجل الحاج ليقف امام الممثلة الرئيسية بالمسلسل يمسك يدها ولا يغض بصره عن جمالها واغوائها. فيما لبست الممثلة الباروكة ذات الشعر الاسود الجميلة وقد اسدلته على كتفيها بعد ان القت الحجاب، ووجدت في هذه الباروكة حجابا بديلا كما افتى لها اهل دين بلدها (حسب ما قرأنا وسمعنا).
ما اريد قوله ان الدين عند البعض، وما اكثرهم، اصبح لباسا يلبسه كما يريد، فهو متدين في امور وامور اخرى على المزاج، ومتى ما وجد مصلحته اقلع لباس التدين واعاد خياطته بالشكل المريح له، في حين ان هناك من المتدينين المحترمين الذين يختزنون تدينهم لهم ولا يزعجون الآخرين فيه، وعندهم الدين دين، لا يتلون حسب الشجرة التي يقف عليها او الماء الذي يسبح فيه.
ان النماذج التي يتحفنا بها التلفزيون من فنانين قطعوا شوطا طويلا معتزلين الفن والحرام ثم يعودون لنا بقناعات خاصة بهم، تبرر لهم هذه العودة ليكونوا نماذج يمكن ان يحتذي بها آخرون، خاصة من وجد في التدين الذي وضع نفسه فيه تقوقعا وانعزالا وحرمانا من امور اخرى كانت تمثل له شيئا مهما.
متى كانت الباروكة حجابا؟ واذا لم يكن ذلك فمعناه ان هذه الفنانة قد خلعت الحجاب وقبلت التمثيل من دون حجاب، فهذه الفنانة بعد اعتزال الفن سنوات طويلة كانت تصلي وتقرأ القرآن وتدعو الله ليلا ونهارا، وجدت نفسها قابلة لتصديق فتوى تجيز الباروكة مكان الحجاب لمجرد ان ذلك يعيدها فنانة مطلوبة بعد ان وجدت في الباروكة خروجا من عزلة فرضت عليها وحرمتها من فرص تعتاش منها.
وذلك الفنان الذي اعلن نفسه حاجا متدينا تجرد من مواصفات التدين بقبوله التمثيل والوقوف امام فنانة جميلة تتمايل وتتدلع وهو يمسكها ويمسح على يدها لمجرد ان الفن عايز كده.
قد لا يتقبل الكثيرون مني هذا الكلام ولكني لا املك الا ان اقول كفانا عبثا بالدين فهو سهل وبسيط... ورائع.