عقد بند الأجور وعقد زواج المسيار

عقد بند الأجور وعقد زواج المسيار
سالم كنعان السالم

الأحداث والقضايا حينما تتحول إلى خبر تختلف المعلومة فيها حينما تقرأ في صحيفة عن ما يسمع في مكان ما أو ما يشاهد على أرض الواقع، وقد يكون الاختلاف بسيطا وربما جذريا وفي هذه الزاوية يتم تناول الخبر وربطه بزوايا مختلفة..


قرأت

قرأت مطالبة لعدد من موظفي بند الأجور بالترسيم قبل نحو سنة من الآن وعلى ما يبدو أنه تم ترسيمهم أو ترسيم جزء منهم كما أن جملة من الآليات التي تم اتخاذها بخصوص بند الأجور وسلم خاص وإجراءات وأنظمة وقرارات أفضل أن لا أدخل فيها وأتركها للمختصين والمتعمقين فيها، وسأتناول الحالة النفسية لموظفي البند كوني «مجرب»، فحينما كنت موظف بند في إحدى إدارات الأسواق التابعة لأمانة الرياض حدث بيني وبين مديري موقف في ذلك الوقت «لا أنساه»، ففي إحدى الجولات حينما كنا بصدد القبض على باعة متجولين مخالفين، وأثناء «الكبسه» هرب أحدهم بالسيارة وترك «زميله» واقفاً بين يدينا فما كان منه إلا أن وضع أحذيته «تحت إبطه» بسرعة وانطلق يركض «بين السماء والأرض»، وتركني مع مديري نتبادل النظرات، فقال لي: لو كنت موظفاً عادياً لجريت خلفه!!، فأجبته: ولو أنني موظف «رسمي» ليس على «بند» لجريت خلفه!!، ويبدو أن ردي كان مقنعاً له كونه لم يجادلني و»رحم ضعفي»، ولعل البند في ذلك الموقف كان «ميزة» أنقذتني من مغامرة مجهولة نهايتها، فموظفو البند لديهم إحساس بأنهم «مؤقتون» وقد يؤثر ذلك على أدائهم الوظيفي، ولو أن زواج «المسيار» ذلك الوقت موجود لاعتبرت نفسي بأنني على بند «المسيار»، فالأمان غير موجود والإنتاجية والكفاءة الوظيفية «تسير» في بعض الأوقات، فعلى الرغم من أن «البند» ليس مبرراً لي أو لغيري بأن لا أكون منتجاً بالشكل المطلوب إلا أن الطبيعة البشرية في ظل الضغوط النفسية قد تؤثر بشكل أو بآخر على إنتاجية الموظف، علماً بأن البند له ميزة تجعله يتفوق على «الرسمي» و هي نفس ميزة المسيار فتوقيع «العقد» أسهل وأسرع من «الرسمي».


سمعت

بأنه تم تخصيص عقد «البند» لمن لا يستطيع القراءة أو الكتابة أو حاملو الابتدائية، ولكن ما نسمعه أيضاً بأنه لا يتم التقيد بذلك، وكما ذكرت سابقاً بأن أنظمة بند الأجور وغيره من البنود «يُفضل أن لا يفصلها أو يتحدث بفقرات أنظمتها إلا المتخصص» فمن الصعب أن يتم لوم طرف على حساب طرف آخر دون الإلمام بكامل التفاصيل، إلا أن ما يمكن أن يتم الجزم فيه بأن نظام البنود بحاجة إلى «فورمات» بالكامل، فمن خلال المشاكل التي طفت على السطح يجب أن تكون الحلول الآن واضحة لدى الجهات المختصة لديهم القدرة على إغلاق ما قد يؤثر على رتم العمل الحكومي وأداء موظفيه، وإن كان الترسيم يُنظر إليه بمنظور أنه يزيد «التكلفة» كون البعض قد تتضاعف رواتبهم، لننظر إليه بمنظور عكسي فلو كان مراقب بلدية «مثلا» فكفاءته (التي ستختلف بعد الترسيم) ستقوده لمراقبة الأسواق بدقة واجتهاد مضاعف، (والجري خلف المخالفين!!)، وحماية المستهلكين من البضائع المغشوشة بشكل أكبر مما كان عليه وهذا بدوره ينقي أجواء أسواقنا ويعود على الاقتصاد الوطني بالمنفعة التي بالتأكيد ستغطي «الفرق» الزائد بالراتب بعد الترسيم، وفي حال أنه تم ترسيم الجميع هل من المناسب أن تستمر عقود البنود أم من الأفضل «إعدامها»؟!.



رأيت

خلال تجربتي بمراقبة أسواق الفواكه والخضراوات مجموعة من شباب الأعمال المكافحين على «مباسط الفواكه والخضراوات»، فقبيل صلاة الفجر «يجلبون» الفواكه والخضراوات إلى السوق وينهون أعمالهم قبل المساء وربما بعده، وكنت دائماً أحثهم على بذل المزيد ومواصلة الجهد والكفاح وأقدم لهم النصائح بحكم أنني أعتبر نفسي جهة حكومية رسمية (عرف عنها دعم الشباب السعودي) وبالطبع هم لا يعلمون بأنني على «بند المسيار»، ومع مرور الوقت كشف لي أحدهم بأن دخله الشهري من المبسط قد يفوق 40 ألف ريال، لتعود لي ذكريات «الشهامة» حينما كنت أشجعهم بشراء الفواكه والخضراوات منهم والتي كانت أسعارها تقضي على ثلث راتبي البسيط، وقد تكون هذه المفاجأة هي السبب الرئيسي الذي قادني إلى «طلب الخلع» (عدم تجديد العقد) ومواصلة دراستي لأصبح في «حبس وظيفي».

الله يعطيك العافيه