نشرت جريدة الجريدة في الشهر الماضي لقاء أجراه الإعلامي تركي الدخيل مع صحافية مصرية شابة تدعى منى أبوزيد! اللقاء كان محوره الحجاب.. باعتبار أن الصحافية منى أبوزيد كانت ترتديه قبل أن تتمرد عليه ـ وفق قولها ـ وتخلعه!
بداية وحتى لا يسيء البعض الظن ـ وما أكثرهم ـ أود أن أشير إلى مسألة مهمة هنا، وهي أن الحجاب مسألة شخصية بحتة وخيار شخصي حر.. باعتبارنا مجتمعاً ديموقراطياً ينص فيه الدستور صراحة على حرية الملبس!
أما ثانياً.. فهو أن الحجاب كما ورد في القرآن والسنة يعد مسألة جدلية ما زالت موضع اختلاف، باعتبار أن الآيتين الوحيدتين اللتين أشير فيهما إلى لباس المرأة.. لا تنصان على تغطية الرأس صراحة.. وانما جاء فيهما ذكر الجلباب.. والخمار.. وكلاهما يعتبر لغوياً تغطية للجسد.. وليس للرأس! على العموم.. هناك اختلاف في التفسير.. ويبقى الحجاب مسألة حرية شخصية!
المثير في لقاء منى أبوزيد هو رد الفعل على خلعها للحجاب.. وحيث تقول إنها حينما قررت خلعه كانت تتعامل معه على أنه موضوع شخصي، لكنها اكتشفت أنه قضية كبرى.. حتى إن أهل المنطقة التي تسكن فيها طلبوا من صاحبة البيت التي تعلم جيداً حسن سلوك منى وأخلاقها.. وأمروها بأن تطردها! أما في العمل، فقد كان هنالك من يهنئها.. ومن يعزيها!
وفي ردها على كيفية تعاطي المجتمع مع ذلك.. قالت منى أبوزيد إن المجتمع ـ وبكل أسف ـ قطيع كبير.. يخاف أن تشرد منه معزة واحدة.. وإنها بخلعها الحجاب كانت المعزة التي شردت عنه!
من المؤسف أن مسألة التميز أو الاختلاف أصبحت مسألة مذمومة في مجتمعنا.. فلم تعد هنالك فروقات فردية بارزة.. بل لقد أصبح البعض يخشى أن ينفرد بصفة أو بخصلة، لأن في ذلك خروجاً عن قوانين المجتمع وأعرافه.
فالفروقات الفردية أمر طبيعي ومنطقي، وصحيح، وهي قطعاً لا تعني خروجاً عن تقاليد المجتمع وأعرافه.
ومن غير الطبيعي أن يكون مجتمعاً كاملاً مستنسخاً بشكل ممل، ونمطياً بصورة شبه مطلقة! وهو بالتحديد ما يحدث الآن في الكويت.. فالناس أصبحوا يتشابهون حتى في أفكارهم.. وليس في المظهر فقط.. بل لقد أصبحت تكلفة الخروج عن هذا الفكر تكفيرية أحياناً.. وقد تجعل صاحبه أو صاحبته منبوذين، سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع بشكل عام!
إن الملبس جزء مهم من الشخصية.. فهو ـ أي الملبس ـ يعكس طبيعة ووجهة تفكير صاحبه.. ويروي شيئاً من سماته العامة ومزاجه.. وهو ما عبرت عنه منى أبوزيد عند خلعها الحجاب.. أو تمردها عليه، كما تقول! الفرق فقط أنها ملكت الشجاعة لكي تفصح عن رأيها وفكرها.. بينما بقيت مئات الآلاف من الفتيات في حالة تناقض واضح عبرن عنه بحالة من الإفراط في التزين والتبرج، أصبحت الصفة الغالبة على المحجبات اللاتي تفوقن على غير المحجبات في إبداء زينتهن ما ظهر منها وما خفي، باستثناء خصلات الشعر!