احترس من الظلم
روى لي صديق عن معاناة قريب له، هذا القريب دائم الطلب عن المساعدة المادية وسبب معاناته أنه كان يعاني من ظلم اجتماعي تلقاه في طفولته ولا تزال ذكرى هذا الظلم مؤثرة فيه مما جعله فاشلاً ومحتاجاً للمساعدة.
الغريب في نظري أن كل إنسان لو يبحث عن الظلم في حياته سيجده، ويوجد الكثير بيننا من فقد أحد والديه في طفولته ويوجد كذلك من لاكه الفقر والحرمان في طفولته ولا ننسى أسلوب تدريسنا بالطفولة الذي فيه الكثير من الظلم لما له من شكل تعليمي قمعي دمر الكثير من مواهبنا.
كرم الله سبحانه الإنسان بالعقل ليصل إلى مستوى مبادئ راقيه يتجاوز بها ظلمه ويتنفس الفكر والمنطق... أنا لا اقصد المبادئ الأخلاقية فقط بل المبادئ العقلانية والتي تفرز منها المبادئ الأخلاقية.. أي إنسان لا يملك هذه الصفات سوف يضايقه ماضيه ويتشوش مستقبله وهي الغفران للماضي والعمل اليوم والتفاؤل والصبر للغد.
يقول البعض أحيانا إن لجوءنا للعلم والمنطق والأخلاق سوف يشعرنا بمستقبل أسوأ لما نراه من مؤشرات توحي بذلك.. جوابي على هذا التساؤل إن الجانب السلبي كان الاحتمال الأكبر فيما تراه وانه يوجد احتمال ايجابي ولكن بنسبة اقل ولا شيء أكيد وقد تتغير الأمور ومحور الزمن قد يتأخر عليك ويضيقك المر أولا ثم يأتيك بالشهد.. ولكي تتجاوز التشاؤم وتحافظ على تلك الصفات الأربعة يأتي دور الإيمان.
الإيمان بالله سبحانه وتعالى وان ما نراه اليوم سيء قد يتغير في الغد فبدون الإيمان سوف تذوب هذه الصفات الاربع عبر ما تراه في مر العمر.. عندما هاجر سيدنا عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه - وتخلى عن كل ماله وقد كان مالا كثيرا ضحى به لإيمانه أن الله سوف ينصره و يجبره.. لم يقبل مخاواة الأنصار ومساعدتهم له بل قال لأحد الأنصار (دلني على السوق) فقد كان يؤمن بالعمل والجد ومباركة الله لعمله.
لذلك كان رائي بأن قريب صديقي هو من ظلم نفسه وجعلها محط الشفقة، ومن يرى في هذا الزمان الحديث لوجد أناساً بدؤوا من دون خط الفقر مثل سليمان العليان - رحمه الله - والذي كان يعمل سائقا في ارامكو وسليمان الراجحي الذي كان يصرف القروش في السوق باتا بإرادة وعزيمة اثرى من في الأرض، وكذلك الوزير علي النعيمي الذي كان عاملاً بسيطاً في ارامكو وقبل هؤلاء الملك المؤسس - رحمه الله - والذي مرت عليه اسوأ سنوات الفقر إلى أن من الله علينا بخير النفط.. بارك الله في هؤلاء الرجال الذين أعطونا درساً في العزيمة والإيمان.. وكل عام وأنتم بخير.