aowd25
مدير الموقع
الأوسمة :
| موضوع: الوداع الاخير 25/12/2009, 7:55 pm | |
| من وراء القضبان الوداع الأخير
فهد شاب في الثلاثين من عمره، متزوج وله من الأولاد ثلاثة، جامعي ويعمل في وظيفة جيده، فهد أصغر أشقائه، له شقيقان يكبرانه وشقيقة واحدة تصغره، منذ نعومة أظفاره وهو أفضل أشقائه خلقياً، حنون، عطوف، رحيم بار جداً بوالديه حنون عليهما خاصة والدته التي يذوب عشقاً فيها، يومياً كان يُقبل يديها ورأسها قبل خروجه من المنزل ويطلب منها الدعاء له، عندما كانت تمرض حتى ولو كانت إنفلونزا أو صداعا أو تعبا عاديا كان يجلس تحت قدميها لا يفارقها يترك دراسته ويظل بجوارها حتى تشفى، لذلك كان فهد له معزة خاصة عندها. توفي والد فهد في المرحلة الثانوية، رحيل والده جعله أكثر قرباً من والدته. تزوجت شقيقته ثم تزوج شقيقه الأكبر والاثنان خرجا خارج المنزل واستقلا بحياتهما بعيداً أما الشقيق الثاني لفهد فقد تزوج وقرر الاستقرار بالمنزل وحارب كثيراً من أجل أن يخرج فهد من المنزل عندما تزوج لينفرد هو بمنزل العائلة، مع أن والدة فهد كانت رغبتها أن يتزوج فهد ويظل بجانبها في المنزل نفسه لحبها الشديد له وعدم تصورها أن يبعد عنها ويستقل بنفسه بعد الزواج، لكن شقيق فهد كان شديد التسلط وفرض رأيه وأصر عليه في أن يترك فهد المنزل ويستقل بزوجته خارج منزل العائلة حتى والدة فهد لم تستطع تغيير رأي ابنها أو التأثير عليه لصرامته وقوة شخصيته وعناده وقسوة قلبه المعروفة. حزن فهد حزناً شديد لخروجه من المنزل بعد الزواج لكنه لم يكن يمر عليه يوم واحد إلا وكان يزور والدته الحبيبة ويُقبل يديها كعادته ويطلب منها الدعاء والرضا ويستمتع بحبها وحنانها التي كانت تُغدق به عليه، لكن والدة فهد لم تتحمل كثيراً ابتعاده عنها وانفراد ابنها قاسي القلب وزوجته بها في المنزل فخرت صريعة المرض وتطورت حالتها الصحية الى الأسوأ حتى تم نقلها الى المستشفى بعد أن تدهورت حالتها الصحية حيث أصيبت بذبحة صدرية حادة والتف حول سريرها بالمستشفى أولادها الأربعة. كانت الأم في أسوأ حالتها والأشقاء الثلاثة في تماسك يحسدون عليه، أما فهد فقد كان شديد الانهيار في حالة ذهول، نظراته تائهة وأنفاسه متلاحقة يكاد لا يصدق أن تغيب هذه السيدة العظيمة عن دنياه إلى الأبد وفي غمرة الأحزان حانت لحظة القدر. ماتت الوالدة وتعالت الأصوات بالبكاء، الصدمة أبقت فهد صامتاً صمت التماثيل، تفوه بكلمة واحدة موجها حديثه الى أشقائه وهو أن ينفرد بوالدته للحظات ليودعها الوداع الأخير، وتقديراً للموقف ولارتباطه الشديد بوالدته خرجوا ثلاثتهم وتركوه بمفرده وفي لحظة أغرب من الخيال هبط فهد الابن الأصغر على صدر والدته يحتضنها ويقبلها القبلة الأخيرة فإذا بمشاعره تهزمه وإذا به يسقط ميتاً على الصدر الحنون الذي طالما احتضن أحلامه وآلامه. في تلك اللحظة الأسطورية التي يهتز في حضرتها الوجدان انطلق شيطان جشع من نفوس إخوته الثلاثة وبدلاً من أن تختلع قلوبهم على فقدان شقيقهم الأصغر بعد وفاة والدتهم بدقائق راودهم عن أنفسهم فهرعوا مسرعين إلى المخفر ليثبتوا وفاة شقيقهم قبل أن يستخرجوا شهادة وفاة والدتهم. أما السبب الذي فقدوا إنسانيتهم من أجله فهو الاستئثار بنصيب شقيقهم في ميراث والدتهم بدلاً من أن يؤول إلى زوجته وأولاده من بعده، أمام محامي العائلة وقف الأشقاء الثلاثة يطالبون بميراث شقيقهم الذي توفي قبل والدتهم حسب إدعائهم الكاذب، لكن أرملة شقيقهم لم تقف مكتوفة اليدين ودافعت عن حقها وحق أولادها في ميراث زوجها وأبلغت عن التزوير الذي قام به أشقاؤه الثلاثة الطامعون وقدمت الشهود على صدق كلامها بمواجهة الأشقاء الثلاثة بما وجهته أرملة شقيقهم المتوفى فخرّوا ثلاثتهم واعترفوا بطمعهم وتزويرهم للحقائق طمعاً في الميراث، قدم الأشقاء الثلاثة للمحاكمة بتهمة التزوير في أوراق رسمية وهي شهادة وفاة شقيقهم وأصدرت المحكمة حكماً على الثلاثة بالسجن ثلاثة أعوام لكل منهم ومُنح الحق الشرعي من الميراث الخاص بوالدتهم لأرملة شقيقهم فهد وأبنائه. | |
|