aowd25
مدير الموقع
الأوسمة :
| موضوع: لا يعجبني في أبي..! 7/2/2010, 1:54 am | |
| لا يعجبني في أبي..!
كتب محمد بن إبراهيم الشيباني :
هل تستطيع كل ابنة ان تصرح بما في داخلها من تساؤلات ومشاكل وافكار.. لابيها؟! اعلم ان هناك بنات علاقاتهن مع آبائهن وقربهن منهم اكثر من الامهات، وهذا نادر ومستثنى من القاعدة، والقاعدة ان البنت قربها وسرها صغيرة وكبيرة عند امها، ولكن كيف يعبر السواد الاعظم من البنات والنسبة الكبيرة اللاتي يردن او يفضلن الآباء في المصارحة والشكوى والعتاب والمناقشة عن الامهات، وذلك لتجربة الآباء الكبيرة في الحياة ومعافسة البشر بانواعهم وتلك خبرة كبيرة وواسعة لاشك بذاتها، ولكن ما اشبه الازمان ومن يدب عليها ببعضها، نص جميل عثرت عليه مر عليه ستون سنة تشتكي فيه ابنة من ابيها! بل لم تقل له ذلك بالسر وانما نشرته في صحيفة آنذاك (1950) تحت عنوان «لا يعجبني في أبي..!» انها بثينة عباس محمود العقاد ابنة العلامة الذي اشغل الادب والادباء في تلك الحقبة وما زال. تقول في تلك المقالة: اذا كانت أعجب بوالدي ككاتب كبير له مكانته بين كتاب الشرق، فأنا أكره فيه اشياء كثيرة كأب عليه لابنته حقوق ما أكثرها!.. لا يعجبني فيه ان يفضل قراءة اي كتاب على الجلوس اليّ، والتحدث معي، وبضع كلمات تتجمع على شكل مقال علمي، او موضوع ادبي او بحث تاريخي، افضل عنده بكثير من ابنته التي تحبه، وتعتبره كل حياتها! ما من مرة دعاني لشيء، بل ما من مرة دعوته انا واستجاب لدعوتي فانه يجد دائما عذرا مقبولاً يتقدم به! ولا اذكر انه اطرى ثوباً من ثيابي، او «تسريحة» مبتكرة لشعري، او ذوقي في انتقاء قماش معين، بل انه، اكثر من هذا لا يجد، فارقاً كبيراً بين الثوب القديم والجديد! واذا فاتحته في هذا قال وهو يضحك: «انني أرى في ثوبك القديم جدة لا أراها في الجديد، وأرى في ثوبك الجديد قدماً لا الحظه في ثوبك القديم!». ومثلي يقنعها المنطق.. اي منطق.. فما بالكم بمنطق عباس؟ واكره فيه مواعيد طعامه التي لا تتفق مع مواعيد طعامي.. او مع مواعيد طعام اي انسان آخر! فهو قد يفطر في منتصف الليل.. وقد يتناول غداءه عند الفجر وقد يصوم اليوم كله!.. وما دام برفقته كتاب جديد فكل الدنيا بعد ذلك لا تساوي عنده قلامة ظفر، ولا تستحق مجرد نظرة! اليس هذا شيئا يستحق ان اكرهه في ابي ويجب ان تكرهه كل فتاة في ابيها؟! واشد ما اكرهه في ابي اهماله صحته.. فاذا جلس ليكتب انهمك في الكتابة وحصر كل حواسه في ما يكتب، ان تعلق ابي بقلمه لم يدع لي مكانا في قلبه برغم اتساعه.. وبرغم انه يتسع للادب، والعلوم، والفنون! هل يقرأ ابي هذا المقال فيحاول ان يدرك ما فاته، وان يتلافى اخطاءه او يتحاشى ما لا احبه فيه؟.. ولو اني بعد طول عشرتنا بدأت احب فيه ما اكره! وبدأ يعجبني فيه ما لا يعجبني! انشر هذا النص لعل الآباء واولياء الامور يجلسون مع اولادهم يحاورونهم ويواكلونهم ويشاورونهم ويسمعون منهم بعد ان دب في الاسر داء الانزواء والانعزال كل في غرفته وشغله وعدم الالتقاء لايام وكأنهم يعيشون في غرف الفنادق!؟.. والله المستعان. | |
|