تذكرت أمي
أمي ... تلك الكلمة الرقيقة الجميلة .. التي تأنس إليها قلوبنا وترتاح في ظلها أرواحنا .. ونحس معها بالأمن والأمان , والسكينة والاطمئنان .. حروفنا الأولى .. كلماتنا التي بدأنا بها رحلتنا في هذه الحياة .
دوحتنا الوارفة التي نفيء إلى ظلها حين يلفحنا هجير الشمس ... نهرنا الفياض الذي نشرب منه الحنان والحب .. نبعنا الثر الذي يسقينا العطاء والصدق ... أنس وحدتنا ... صفاء ضحكتنا .. مصدر سعادتنا .
أمي .. قد مر على رحيلك عشر سنوات وكأنك لم تودعينا إلا بالأمس .. ما زالت كلماتك في آذاننا .. ودعواتك تطوف أركان البيت وتسكن في قلوبنا .. ما زالت يدك الحنون تمتد لتمسح دموعنا .. مازال حضنك الدافئ يضمنا ..ووصاياك الطيبة تنير لنا دربنا .
أمي تذكرتك .. فتذكرت كل المعاني الطيبة .. تذكرت طفولتي حينما كنت أحبو وأتعثر في ثوبي فتركضين نحوي في فرح وتأخذينني بين أحضانك .. تذكرتك وأنت تخرجين اللقمة من فمك وتضعينها في فمي .. وتذكرت فرحتك حينما دخلت المدرسة ودعواتك لي كل صباح .. وفرحتك يوم تخرجي من الجامعة .. وفرحتك الغامرة يوم زواجي .. وفرحتك الكبرى يوم أن رزقت بالولد .. كنا نكبر أمامك ويكبر معنا حبك .. وعانيت من المرض كثيراً لكن لم نرك إلا شاكرة صابرة .. أذكر وأنت في مرضك الأخير وقد أمسكت بورقة لأدفع بها الذباب عنك .. فتقولين : دفع الله عنك الهم والحزن يا بني وحبب فيك خلقه حتى الحصى في أرضه .. كم كانت دعوات خالصة صادقة من القلب.