عقول فارغة
تأليف meshari
لم أجد أحسن من هذا العنوان لما نقرأه من بعض الكتاب في صحفنا اليومية. نعم، انها عقول فارغة غلبها الجهل وليس فقط الجهل البسيط، ولكن الجهل المركّب الذي يجعل صاحبه يجهل انه جاهل، هذا الجهل هو الجهل بأحكام الدين وقواعد الشرع المطهر، فنجد كل من لم يعجبه شيء من احكام الشرع كتب مقالا يسخر منه، وصار يؤسس ويضع قواعد، وكأنه فقيه من الفقهاء، وهذا امر لا بد من معالجته، لأن اصحابه يعانون الاضطراب في ما يطرحونه ويطالبون بأن يعمل به.
فمثلا تجدهم يطالبون باحترام الرأي الآخر وان باب النقد مفتوح بحدود الادب، لكن هذا الامر غير معمول به مع من يطالبون بالعمل باحكام الشرع ويطالبون بالحرية، لكن لا حرية لمن يقول قال الله وقال الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- انها حقا عقول فارغة وخاوية من المادة العلمية وبعيدة عن الحرية، بل هي اسيرة لفكرها ومنهجها، ولا بد ان يعلم ان المتمسك بالشرع والداعي اليه لا يعد متعصبا، او ضيق الفكر، لأن معه فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومن ابتعد عن هذا الطريق يحتَج الى علاج، والى مراجعة لنفسه، التي تجعله يبتعد عن الصراط المستقيم المنزّل من عند الله الى نظريات غربية وقواعد فلسفية، اصحابها صاروا في تيه من امرهم لا يعرفون ما ينفعهم وما يضرهم، فهم لا يعرفون مصلحة انفسهم حتى يعرفوا مصلحة غيرهم، والأغرب في حال بعضهم انه يدندن على التخصص واحترام التخصص، وانه لا ينبغي ان يتكلم في امر هو غير متخصص فيه، لكن الاضطراب لا يفارقهم فتجدهم يتكلمون في الشرع وفي احكامه، وكأنهم من اهل الاختصاص الذين يعرفون احكام الكتاب والسنة، وكأن الشرع لا حرمة له عندهم، فأين احترام التخصص.
انها امور لا يكاد يوجد عقل سليم من الملوثات الفكرية يقبلها، ولا بد للمطلع على امثال هذه الكتابات ان يبين للناس كيف ان اصحابها قد خلت عقولهم من الشيء المفيد وان اللوث الفكري قد شرق بهم وغرب، وان الخير كل الخير في الاعتصام بهدي الشرع، الذي ما من خير الا ودل الناس عليه، وما من شر الا وقد حذّر الناس منه، وان من يبحث عن الصواب في غيره فقد ضل سواء السبيل، والله المستعان.