نار الغيرة

نار الغيرة


يسودني اعتقاد بأن معظم الكتل السياسية وما يسمى «مجازا» بالأحزاب السياسية تبحث عن الاضواء، وتسعى الى لفت الانتباه حولها، واعطاء انطباع «خداع» للعامة بأنها قادرة على احداث تغيير ايجابي يصب في مصلحة الشعب ليزداد اهتمام الشارع بها وانجذابهم نحوها.
فعامة الناس وقود يحافظ على استمرارية تلك التكتلات والأحزاب السياسية وزيادة نفوذها، خصوصا ان معظم الناس يحكمون على هذه التكتلات من خلال الندوات والظهور التلفزيوني لقيادييها، وحماسهم بالحديث حول موضوعات «تدغدع» مشاعر وعواطف الناس، وايضا من خلال التصريحات الصحفية «الملهبة» للمشاعر، مما يعزز من رضا مؤيديهم، فالبشر يحتكمون الى العاطفة و«القلب» في الحكم على الناس اكثر من ترجيح العقل والاخذ بمنطق التحليل.
معظم التكتلات الناجحة تمارس مهارات التضليل والخداع لتحافظ دوما على مستوى مقبول من «رضا» مناصريها، واذا ما رأينا علاقة التكتلات بعضها ببعض نجد العداء والمغالاة في الخصومة، وتأجيجا يزيد من الفرقة بين ابناء الشعب الواحد بمباركة تلك الأحزاب التي تعيش على مقولة «الزين عندنا والشين حوالينا».
التكتلات السياسة في الكويت «غير قانونية»، ومنتشرة بشكل «ماصخ». فكل ديوانية من 20 نفرا قاموا بتشكيل تكتل، وأول من «يناطحون» هم الحكومة والوزراء، وحتى أعضاء مجلس الامة. فإلى متى يُسمح باستمرار هذا الطيش السياسي الأرعن في كثير من الأحيان..؟ لدينا مجلس امة منتخب يمثل توجهات الشارع، فما الحاجة الى جماعات ضغط سياسي غير قانونية «تزاحم» اعضاء مجلس الامة وتشوش على رادار العمل الديموقراطي السليم؟ فيكفينا وجود جمعيات نفع عام تهمل انشطتها الاساسية و«تدخل عصها» بالشأن السياسي رغم عدم اختصاصها.
على أي اساس يتم السماح للكتل السياسية «غير القانونية» بنشر تصريحات صحفية، بل وبوضع اعلانات مدفوعة ايضا؟! اذا كان كل ما سبق «متاحا» لهم في غياب قانون للأحزاب، فما الذي سيتوفر لهم أكثر مما لديهم من صلاحيات في حال «شرعنة» الاحزاب؟
قال الرئيس الراحل جورج واشنطن في خطبته الوداعية: «الاحزاب السياسية تسهم دائما في تضليل توجهات الشارع، وتؤدي الى اضعاف القيادة العليا للبلاد. كما انها تؤجج المجتمع بقضايا وهمية وبسوء نية متعمد تدق اجراس اخطار قضايا منبعها غيرة حزب سياسي من حزب سياسي آخر، مما يسهم بخلق مظاهرات وتمرد للشارع يفتح الباب للمصالح الاجنبية الخارجية وقوى الفساد لاستغلال تأثير الاحزاب السياسية عبر اختراقها للوصول الى الحكومة عبر دعم اجنداتها».
معلومة «علماشي»، ذكور القردة لا تبدي أي اهتمام فطري مباشر بصغار القردة، الا انه، وبوجود اناث القردة حولها، تسارع بإظهار اهتمام مفرط بصغار القردة لإثارة انتباه الإناث و«تضخيم» مميزاتها كذكور مؤهلة لأخذ الدور القيادي، وما إن تبتعد الإناث حتى يترك الذكور الصغار وحدها.