الزائد أخو الناقص
قالوا قديما «كل شيء زاد عن حده انقلب ضده» وقالوا أيضا «الزائد أخو الناقص»، وقالوا بالإنكليزية «less is more» أي الأقل أكثر. ولعلنا نرى ونشعر بمصداقية تلك الأمثلة يوميا، فإن زاد أي أمر عن حده المقبول أصبح بشعا سمجا مرفوضا. فاللين خصلة محببة لكن الإفراط فيه يجعله ضعفا، والحزم مطلوب لكن الإفراط فيه ظلم. كما الإفراط في التقدير بخل، والإفراط في الكرم تبذير، الإفراط في الحذر وسواس، والإفراط في الغيرة جنون.
وهكذا نرى المفرطين من شتى الأصناف يوميا، لكن أوضح وأبشع أنواع الإفراط هو ما نراه على وجوه وأبدان بناتنا هذه الأيام. فالأناقة مطلوبة والجمال شيء محبب، بل من الضروري أن تهتم الفتاة بلباسها وماكياجها وتعتني بنفسها حتى تظهر بشكل مقبول.. لكن نعود للمثل القائل..كل شيء زاد عن حده..!!
من الملاحظ أن الإفراط أصبح موضة العصر بين الفتيات، من اللباس إلى الإكسسوارات إلى الماكياج. فهذه ترتدي فستان سهرة وتذهب به إلى السوق أو إلى الجامعة صباحا، فتبرق وتلمع كجهاز إضاءة «ديسكو»، وتلك تلبس البنطلون وفوقه تنورة وعليه بلوزتان بألوان مختلفة ومن ثم «جاكيت» وشال.. وكأنها من كثرة ما تملك من ملابس قررت أن تلبسها كلها في يوم واحد حتى لا تزعل منها أي قطعة. وفتاة أخرى تلف حول رأسها حجاباً مرصعاً بالأحجار، فتشعر أنك بحاجة إلى نظارة شمسية تقيك كل ذاك البريق. فوق كل ذلك، نجد كميات هائلة من الماكياج «ملطوعة» على وجوه الفتيات تكفي لطلاء قاعة محاضرات كاملة: كريم أساس سماكة 20 سم، وعليه ربع علبة بودرة حمرا ثم خط كحل نصف متر، وفوقه ألوان جفون «فوسفورية» تخيف الأطفال المارة، وحمرة فاقعة يشعر الناظر إليها أنها تكاد تفجر شفاه الفتاة، هذا عدا رسم حواجب «الساحرات» والعدسات اللاصقة والرموش الاصطناعية وموديلات الشعر «الفضائي»، فتبدو الواحدة منهن كأنها في طريقها إلى حفلة تنكرية لكن غيرت رأيها في الدقيقة الأخيرة وتوجهت إلى الجامعة..!
في دراسة أجرتها مؤسسة «سان إيف» لصناعة مستحضرات التجميل تبين أن الرجال يفضلون المرأة ذات المظهر الطبيعي والبسيط، وبأقل قدر من الماكياج، بل وقد اشتكى معظم الرجال في الدراسة نفسها من المرأة التي تكثر من كريم الأساس على وجهها، وأكدوا أنهم ينفرون من بودرة الخدود الكثيفة والماسكارا الفائضة والمتجمعة على الأهداب ومن أحمر الشفاه البراق ومن ظلال العين الأزرق وغيرها.
فيا بنات الحلال افهمن واعقلن «الأقل أكثر.. والزائد أخو الناقص».