موقف شجاع لتركيا..!
ما حدث اخيرا بين اسرائيل وتركيا، وان تم في هدوء، يستحق التوقف عنده، وفي الوقت نفسه لتعلم اسرائيل كيف تكون مواقف الدول اذا ارادت. وقد روى لي اللواء سامح سيف اليزل الخبير الامني والاستراتيجي وصاحب العلاقات القريبة من مصادر الامن والخارجية ان الحكاية بدأت مع مسلسل تلفزيوني انتجه التلفزيون التركي تحت اسم «وادي الذئاب» تفضح مشاهده الممارسات غير الانسانية التي تقوم بها اسرائيل ضد الفلسطينيين من خلال الاجهزة الاسرائيلية ومنها قتل الفلسطينيين وخطف الاطفال كرهائن لاجبار ذويهم على تسليم انفسهم للاسرائيليين او التعاون معهم كعملاء ضد اهاليهم ومواطنيهم.
وفي رد فعل للمسلسل امر ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي نائبه ايالون بان يستدعي السفير التركي في اسرائيل ويلقنه درسا يؤكد به احتجاج اسرائيل الشديد على المسلسل.. وبات معروفا تفاصيل ذلك الاستدعاء.
وبحسب تصريحات السفير التركي فانه لم يحدث ان اهين طوال حياته كما حدث له في هذه المقابلة ليس من حيث الكلام الذي قيل له، وانما من حيث اخراج المقابلة!
وكان رد فعل تركيا ان استدعى رجب طيب اردوغان رئيس تركيا وسائل الاعلام التركية والعالمية الى مؤتمر صحفي اعلن فيه ما حدث مهددا بسحب سفيره من اسرائيل وقطع العلاقات بين البلدين اذا استدعى الامر ذلك. وامام هذا الموقف من تركيا اعلنت وزارة الخارجية التركية ان ما اتخذه نائب الوزير ايالون وكان قد سبق واعلن اعتذاره، لا يطابق الاعراف الدولية. الا ان اردوغان رفض ان تكون هذه التصريحات كافية للرد على الاهانة التي اصابت بلاده، وانه اذا لم تتخذ اسرائيل خطوات اخرى ترضي تركيا فانه سوف يستدعي سفيره.
واحست اسرائيل ان الموقف قد تدهور بصورة اكبر مما كانت تتصور، فقررت ان يقوم وزير دفاعها ايهود باراك بزيارة الى تركيا كانت محددة قبل الازمة، وبدا ان الازمة ستلغيها. وقال لي اللواء سمير سيف اليزل ان تركيا قبلت الزيارة، ولكنها ردت الاهانة التي تعرضت لها بأشد منها. فأولا ارسلت نائب محافظ انقرة لاستقبال باراك عند وصوله الى العاصمة التركية وانتهت ايام الزيارة من دون ان يستقبله الرئيس التركي او رئيس الوزراء اردوغان. ورغم ذلك استمرت اسرائيل في محاولاتها استرضاء تركيا وارسلت ايالون نائب وزير الخارجية الذي كان بطل التصرف المهين للسفير التركي ليقدم بنفسه الاعتذار الشخصي عما بدر منه. وكان طبيعيا ان تقبل تركيا اعتذاره ولكن بعد ان ردت الاهانة بما تستحق واكثر!