حجية.. حجي!
كلمة «حجية / حجي»، أخذت تغزو المجتمع الكويتي الصغير حتى أصبحت من أكثر المفردات اليومية تداولاً.. ولزمة / عادة، يرددها البعض، خصوصا العمالة الوافدة، وتحديداً البسيطة والهامشية.. فأصبح كل مَنْ زينت وجهه بعض التجاعيد، وابيض شعر رأسه، متمتعاً سلفاً بهذا اللقب، بغض النظر إن كان قد أدى فريضة الحج أم لم يتمكن من تأديتها.. وهكذا تسللت هذه المفردة ذات الخصوصية الدينية إلى المجتمع، وشاعت بشكل سريع كنوع من فوضى المناداة.. وأخذنا نسمعها في اليوم الواحد عشرات المرات.. منها، «سلام حجية / حجي» «مشكورة حجية / حجي» «شنو تبي حجية / حجي» «ميرسي يا حاج / حاجة» «إزيك النهارده يا حاج / حاجة».. وغيرها من تلك اللزمات المعروفة.
هكذا أصبح في مجتمعنا الصغير كل كبير حجيا، وكل كبيرة حجية، ومن المفارقات ان الأم الخمسينية التي لم تؤد فريضة الحج، تدخل مع ابنتها العشرينية التي أدت فريضة الحج أكثر من مرة، مثلاً إلى الجمعية التعاونية.. لكنهما تتبادلان الأدوار بالألقاب، حين تلتقيان بأحد العمال أو العاملين البسطاء في الجمعية، فحسب قناعاته الشخصية التي تعودها، يبدأ بمناداة الأم بكلمة حجية، في الوقت الذي يحجب هذا اللقب أو تلك المناداة عن الابنة التي أدت هذه الفريضة الدينية، وبالتالي أصبح من حقها التمتع بهذه المناداة، قبل أمها.
* * *
في الماضي البعيد / القريب، كانت هذه المفردة (حجية / حجي)، غالية ولها ثقلها الديني المقدس، ووزنها الاجتماعي المعروف والمتعارف عليه في المجتمع، فلا تطلق هكذا جزافاً على كل مَنْ هب ودب.. ونادراً ما يكون ابن العشرين أو الثلاثين أو المراهق قد أدى هذه الفريضة الدينية في هذا العمر الشبابي الصغير لأسباب كثيرة، ربما تكون اقتصادية، اجتماعية، شخصية أو غيرها.. وبالتالي غالباً ما اقتصرت تأدية فريضة الحج على مَنْ استطاع إليه سبيلاً من كبار السن، وبالتالي أصبح من حقهم الاستمتاع بتلك المناداة الجميلة (حجية / حجي).
* * * *
أما اليوم، فنجد أن أغلب الحجاج من الفئة العمرية الشبابية نظراً للظروف الاقتصادية والاجتماعية والدينية، وغيرها.. ومع هذا فمن النادر أن يرتبط الشكل الشبابي بتلك المناداة الروحانية أو حتى يقترب منها.. فلا عزاء للشباب!