العلاج الأخير.. عند الخواجة بلير!
لا أعرف الخواجة طوني بلير، فلم يكن يوماً من الأيام احد سكان الفريج، ولا زميلا فوق مقاعد الدراسة الابتدائية او الجامعية، ولا هو من زملاء الديوانية، والله يستر علينا وعليه.. لكنني أعرف انه بين ليلة وضحاها صار عندنا الطبيب المعالج، في كل قضايانا المزمنة من الصحة او التعليم الى الوضع الاقتصادي والوظيفي والسكاني والاسكاني.. يعني الرجل الله يحفظه من الحسد بتاع كله، من وجهة نظر حكومتنا، هو المنقذ لنا من الغرق، وهو المعالج الأخير الذي يملك العصا السحرية يحركها بيديه متى شاء امام كل قضية نذهب فيها اليه، ونحن نردد «دخيلك يا عم بلير ونحن بالله وفيك، انقذ اقتصادنا وتعليمنا وصحتنا وجهازنا الوظيفي، لأن العقول الكويتية المبدعة التي أسست الدولة بكل اركانها وانشطتها عاجزة عن دورها أو هي ما تترس العين، ولا حيلة لنا إلا في عبقريتك التي نزلت علينا من السماء، من دون سابق انذار، ورصدنا لها الملايين من أجل انقاذنا بعد أن حرمنا منها العقول الكويتية بكل تخصصاتها العلمية والمحاسبية والاقتصادية. إنها حيلة اليد الضائعة منا والتي وجدناها عند الخواجة بلير، الذي لا علاج بعد علاجه ولا منقذ سوى انقاذه.
ما هذه المحبة والحظوة للرجل، هل هي عقدة الخواجة أم هي توفير وظيفة له عندنا، بعيداً عن ديوان الخدمة المدنية، أم هي مسألة تنفيع بالملايين، خوش تنفيع وبدراسة تضمنت كلاماً واقتراحات قلناها وكتبناها قبل أن يأتي لنا العم بلير، بعصاه السحرية ويقدم لنا ما قلناه وما كتبناه، وهو بعيد عن واقعنا رغم أن الجلد لا يحكه إلا ظفره..
ولكننا وكما يبدو صارت لدينا قناعة بأن جلدنا لا يحكه الا ظفر المسيو بلير، مع كل التقدير له ولدوره في معالجة قضايانا، خاصة انه لم يطلب كثيراً من المال لأنه يقتنع بالقليل ويكفيه مليون جنيه، أو دولار او دينار، لا أدري. منقذنا من كل مشاكلنا التي نعاني منها منذ سنوات، من مواليد بريطانيا عام 1952 ولا أدري في أي فريج، لكنه بالتأكيد لم يكن شرقاوياً ولا جيلاوياً ولا مرقابياً. وهو حاصل على ليسانس بالحقوق وعمل فترة بالمحاماة ما بين 76 الى 1983، بعدها دخل عالم السياسة ضمن حزب العمال، حيث انتخبت عام 1992، اختير لعضوية اللجنة التنفيذية القومية للحزب، وبعدها اصبح زعيماً للحزب خلفاً للرئيس جون سميث، الذي توفي عام 1994، وفي عام 1997 اصبح رئيساً للوزارة البريطانية بعد فوز حزب العمال بالانتخابات، واحتفظ بالمنصب حتى عام 2007، حيث استقال من منصبه.
كل هذه المعلومات عن الرجل ليست متوفرة عندنا وللأسف، وربما هي متوفرة وبصورة أكبر وأعمق وأشمل في العديد من ابناء الكويت، لكن سياسة عين عذاري ومعها عقدة الخواجة، اختارت المحروس من عيون الحساد، ليكون الأقرب والأوفر حظاً في علاج مشاكلنا طبقاً للمثل القائل اذا حبتك عيني ما ضامك الدهر.
وزيرة التربية السابقة نورية الصبيح، قالت انها لم تقابل بلير، ولذلك فانه لم يناقشها في قضايا التعليم ولا أدري هل اجتمع مع وزير الصحة والمالية، وهل خاف على وزارتنا للوقوف على احوال الجهاز الوظيفي.. ربما لم يحدث ذلك، ويبدو انه اعتمد على الجانب النظري ووكالة يقولون في وضع تقريره الاسطورة الذي تحدى فيه مقدمة ابن خلدون، والذي اخذناه وللاسف بالترحاب والسرور، وكأن هذا التقرير هو الذي سوف يأخذنا الى عالم المجد على كل صعيد.
نسأل فقط: ما هي سالفة بلير؟ ونسأل قبل ذلك اذا كانت لديه كل هذه العبقريات التي اجتمعت في رجل واحد فأين معالجاته حين كان رئيسا لوزراء وطنه؟ ولماذا لم يجد حلولا للبطالة واضرابات العمال والوضع الاقتصادي البريطاني؟ واين حكومة بريطانيا الحالية من عبقريته، لماذا لم تستنجد به ليضع لها حلول عصاه السحرية؟ كل هذه الاسئلة تخطر على الذهن، ويبدو ان الاجابة لا تكون الا في تنفيع الرجل عندنا لان خيرنا وايد لكل خواجة، ولا عزاء للعقول الكويتية المبدعة التي تفوق في مؤهلاتها العلمية والتخصصية ما لدى، عديل الروح الكويتية ما غيره، الخواجة بلير الطبيب الخطير الذي اعطانا الوصفة السحرية لاموالنا من الاول الى الاخير، الذي صكوا رأسنا فيه،