تجارة تفسير الأحلام
مفسرو الاحلام غزوا الصحف والفضائيات يحاورون الناس ويدّعون قدرتهم على تفسير احلامهم، وهي ظاهرة لا تبشر بالخير.. فبدلا من قيام اهل العلم الشرعي بنشره للناس وتوجيههم لامور دينهم، اصبحت غاية الناس معرفة معاني احلامهم ويعلقون عليها شؤون حياتهم.. ما يراه الناس في منامهم وضحه لنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- فشيء رؤيا من الله سبحانه وبشارة خير، وشيء حديث النفس، وشيء من الشيطان، لكن هذه الاحلام لا تبني حكما شرعيا ولا تلزم الانسان بعمل في حياته ولا ينبغي التشاؤم او التعلق بها وكأنها حقيقة واقعة.
الشيخ الفاضل عجيل النشمي قال «ان الذين يتصدرون لتأويل الرؤيا في وسائل الاعلام رغم ان كثيرا منهم حسنو النية، فانهم يسرفون على انفسهم كثيرا، ويخشى عليهم وهم يجيبون عن كل رؤيا، ولا تسمع منهم كلمة لا ادري، ان يقعوا في تأويلات خاطئة يعتقدها المستفسر حقا، وقد يبني عليها عملا او اعتقادا، وقد استمعت الى بعض هؤلاء المؤولين، وانا على يقين ان اكثر من نصف ما سمعته ليس صحيحا، ويظهر فيه التكلف، بل ان بعضه ضرب من الكهانة ولا يبعد عما يكتب في الابراج، ولو كان لي من الامر شيء لمنعت ذلك». («القبس» ـ 2010/2/12).
لقد شُغل الناس بتفسير الاحلام وتركوا الامور المهمة في الدين، مثل: تعلم العقيدة الصحيحة والحلال والحرام وسيرة النبي الكريم، واصبح همّ البعض معرفة ما رأوه في منامهم. ولو انهم اتبعوا سنة الرسول الكريم لاستغنوا عن ذلك، فقد كان من هديه في الرؤى ان كانت رؤيا حسنة حمد الله وأخبر بها من يحب، وان كانت رؤيا خبيثة تعوّذ من الشيطان ونفث عن يساره وغيّر مضجعه واكتفى بذلك.
آخر صرعات تفسير الاحلام، بعد الاذاعة والتلفزيون والصحف، خدمة الرسائل الهاتفية، فتتصل برقم ليظهر لك مفسر لا تدري ما اصله ولا فصله، فتلقي عليه منامك فيأتيك بالنبأ اليقين، ولا تنس ان الدقيقة تكلفتها 300 فلس، يعني الموضوع ليس نفع الناس وانما تجارة وتربح.. صحيفة سعودية سبق ان استشارت الشيخ ابن باز، رحمه الله، في انشاء صفحة كاملة لتفسير الاحلام لقرائها، فكان جوابه «إنني لا أرى ذلك، لأنه ليس من العلم العام الذي ينتفع به الآخرون، وحسما لمادة المحاذير الشرعية»، فهل يتوقف دعاة تفسير الاحلام عن عملهم هذا، ويعلمون الناس ما ينفعهم؟! أتمنى ذلك.. والله الموفق.