المقاولون: صناع الفقر
خلف الحربي
سأقول لكم سرا.. واستحلفكم بالله ألا تخبروا به أحدا، أنا لا أعتقد بأن أكبر خطر يواجهنا هو الإرهاب ولا المخدرات ولا البطالة ولا برنامج أحمر بالخط العريض بل الخطر كل الخطر يكمن في المقاولين الكبار الذين يتولون تشغيل المرافق الكبرى مقابل عقود بمئات الملايين، فهولاء (من وجهة نظري السرية) هم الذين يصنعون الفقر والبطالة ويساهمون في انتشار المخدرات!.
ستقولون لي: كيف؟.. وحتى لو لم تقولوا لي فإنني سأقول لكم لأن المسألة (تقرقع) في قلبي منذ أمد بعيد ولا أجد من اثق به سواكم فلا تخيبوا ظني بكم وعليكم بكتمان السر حتى عن زوجاتكم لأنني رجل لا أحب المشاكل في الصيف.. وإذا أردتم الصدق فإني لا أحب المشاكل في كل فصول السنة!.
المقاولون حمانا الله وإياكم من مرارة العمل في شركاتهم البائسة يتسلمون بقدرة قادر إدارة وتشغيل مرفق طويل عريض قد يكون ميناء أو مطارا أو مستشفى مقابل مئات الملايين التي تدخل حساباتهم سنويا ثم يقومون بتوظيف أبناء البلد في هذه المشاريع مقابل رواتب تتراوح بين (900 ريال و1500 ريال) فبالله عليكم هل هذه الرواتب (تتراوح) أم (تروح)؟!، أي منطق هذا الذي يتيح لهم المتاجرة بعرق المساكين فينامون في أفخم فنادق أوروبا دون تأنيب ضمير بينما ينام الموظفون البؤساء في غرف فوق سطوح الأحياء العشوائية؟.
في كل صباح.. أفتح البريد فأجد عدة رسائل تحتوي على القصة ذاتها، شاب يعمل في شركة تدير مشروعا حيويا بمئات الملايين بينما يتقاضى صاحب الرسالة 1500 ريال شهريا ولا يسلم هذا الراتب من خصومات المدير الوافد، يختلف اسم صاحب الرسالة في كل مرة: محمد، عبد الرحمن، سعود، سليمان..الخ، ويختلف اسم المشروع الكبير، كما يختلف اسم الشركة الكبيرة، ولكن القصة تتكرر كما هي دون أن يشعر أحد بالملل.. حتى أنا!!.
لقد أصبحت أكره مصطلح (الخصخصة) وأشعر بالحساسية تجاه مصطلح (السعودة) وتتملكني أعراض انفلونزا الخنازير كلما سمعت عبارة (الشركة المشغلة للمشروع)، ويطير عقلي كلما قرأت مقالا لأحد الزملاء ينتقد فيه ضعف تأهيل الشباب السعودي.
بصراحة أنا أشعر بخوف شديد من خطر المقاولين الذين لا يكترثون بما يفعلونه بحق وطنهم الذي يدر عليهم مئات الملايين المعفاة من الضرائب فيعبثون بمصائر أبنائه... أرجوكم تذكروا أن تكتموا السر!.