زمن النهب والسلب والتسكير!..
كتب عبداللطيف الدعيج :
يبدو ان حرية الرأي والتعبير تتعرض لتحديات كثيرة هنا، ومعها يتعرض المؤمنون بها او المتظاهرون بالايمان بالمبادئ الديموقراطية وما كفله الدستور من حقوق يتعرضون هم ايضا الى امتحانات عسيرة. حتى الآن، ومن المؤسف، فإن الجميع سقط ولم ينجح احد في الامتحان، ولا امل لنا الا في الادوار الثانية والمراحل النهائية عسى ان يستفيق فيها النائمون ويتنبه الى ما يجري الغافلون.
ما حدث امس في مركز العبدلي الحدودي ما كان من المفروض ان يحدث في دولة ديموقراطية. دولة كفل دستورها حرية الرأي والتعبير وحق النشر وحق الرأي العام في المراقبة والمتابعة والاطلاع. بغض النظر عن دعاوي اعضاء الحملة الشيعية من ان مفتشي الجمارك تعسفوا في تفتيشهم وتمادوا في مصادرة الكتب «الشيعية» بغض النظر عن ذلك، رغم الاحتمال الفائق لكون الدعاوي حقيقية، فإن حق المواطنين، سنة او شيعة، في جلب كتب والاطلاع على ثقافات جديدة وحتى غريبة، مكفول في القانون وقبله الدستور.
نوابنا السلفيون، تصدوا بالطبع للشيعة ولمن ناصرهم من نواب باعتبارهم كسروا القانون ومنعوا مفتشي الجمارك من القيام بواجباتهم القانونية. سؤالنا للسادة الحريصين على تقنين تفتيش المواطن الكويتي وبهدلته بحثا عن كتب، اي قانون هذا ومن اصدره وفي أي جريدة رسمية نشر؟.. ليس هناك قانون كويتي يبيح لمفتشي الجمارك ولا لمراقبي الاعلام مصادرة الكتب والممتلكات الشخصية للمواطن الكويتي، لكننا في زمن رديء، زمن يتنادى فيه ساستنا ونوابنا في ساحة الارادة وفي تجمعات شعبية بمصادرة الاعلام المرئي والمقروء ومحاربته، زمن يُستجوب فيه وزير الاعلام لانه لم يمنع ولم يقطع ولم يسكر صحفا وقنوات وعروضا فنية. لهذا ليس مستغربا ان يتسلل الخوف او تستهوي الانتهازية مفتشي الجمارك وينضمون الى الحملة المعادية للحريات ارضاء لمسؤول رسمي او لكسب ود زعيم حزبي. ليس هناك قانون ولكنْ هناك تعسف وتوسع في تفسير ليس القوانين فقط ولكن حتى القرارات الوزارية وتسخيرها لمضايقة المواطنين ومصادرة حقوقهم. ادخل البعض «الكتب» ضمن المحظورات فاصبحت بالفعل، كما بيّن المعترضون على تفتيش الامس، اشد خطرا من المخدرات واكثر لفتا لنظر مفتشي الدولة من السموم والخمور.
ليس هناك قانون يبيح لأي مسؤول حكومي في اي موقع مصادرة الممتلكات الشخصية للمواطن الكويتي ولكنه الزمن الرديء، زمن المستجوبين ونواطير المال العام، زمن مغتصبي الحقوق الشخصية واعداء الفكر والاعلام الحر.