كيف تقول «لا» لطفلك؟
باريس -
كارولين سالي
يجمع المختصون على ان فرض حدود للاطفال ضرورة قصوى لتنشئتهم تنشئة صالحة قائمة على احترام جملة من المبادئ والقيم، لكن بعض الآباء يقفون احيانا عاجزين امام اولادهم، فيسيئون التصرف معهم.
هذه لقطة من الحياة العادية على شاطئ البحر في بداية الصيف: تصر بولين ذات الاربع سنوات على السباحة على الرغم من برودة الماء، لكن والدتها ترفض، تبكي البنت وتبدأ في الصراخ، فتجيب الام «نعم انا موافقة، لكن اغطسي قدميك في الماء، ولا اريد اي قطرة فوق ركبتيك.. بولين تعالي لتجففي رجليك».
لم تقتنع البنت بأسباب منعها من السباحة، لذلك تعمدت تبليل جسدها بالكامل، وكان بامكان والدتها اقناعها لو انها قالت لها «افهم بأنك تحبين المياه، لكنها باردة جدا ولا تستطيعين السباحة فيها، لكن في المقابل اقبل ان تشمري بنطالك حتى الركبتين وتغطسي رجليك».
الامر ليس بسيطا في اللحظة، لكن القصة تكشف عن المصاعب التي يواجهها الآباء عندما يقولون «لا».
وما بين الاستبداد والتساهل، يعي أغلبية الآباء اهمية وضع حدود للاطفال، لكن البروفيسور فيليب جيامي المختص في علم النفس لدى الاطفال والمراهقين في جامعة باريس 5 يقول إن الآباء يعانون من التعامل مع الاولاد لغياب خطوات مدروسة يبتغونها، وهذا بسبب وجود اجماع حول طريقة معينة في التربية، فكل اب مجبر على الاستعانة بمجموعة القيم التي نشأ عليها حتى يضبط الحدود التي لا ينبغي ان يتجاوزها ابناؤه.
عليكم ان تخترعوا طرقا جديدة لقول «لا»
كانت التربية سهلة قديما، حيث كان الاطفال ينصاعون بسهولة لاوامر الآباء، لكن الامور تغيرت في المجتمع الحديث، حيث تجد كل اسرة نفسها مجبرة على التخمين في الطريقة المناسبة لتقول «لا» «لأولادها».
وتعرف المحللة النفسية كلود هالموس التربية بقولها: «التربية اليوم، هي ان تضع حدا، لكن ان تشرح اسباب وضعه، وهنا يقبل الطفل بسهولة بعد ان يفهم المعنى والفائدة المرجوة».
وتقول دراسة علمية اميركية نشرتها هذا الشهر المجلة العلمية تشايلد ديفلوبمنت، إن الطفل يدرك منذ عمر الرابعة التمييز بين الاوامر التي يطلب منه فيها احترام القانون والاخلاق - كعدم السرقة وعدم المساس بالاشخاص واذواقهم ــ ويستجيب بسهولة في ظرف ثوان، وتؤكد كلود هالموس ذلك في قولها «لا يمكن ان يرفض الطفل ان يرتدي معطفا في الشتاء، لان الامر طبيعي وغير جائر بالنسبة إليه، لكن غير المعقول ان تطلب منه ارتداء معطف اخضر، رغم انه يكره هذا اللون، بحجة انه جميل فقط».
لقد اصبحت وظيفة الآباء صعبة ومتعبة، مقارنة بالعقود السابقة، لذلك ينصحهم المختصون بأن يكونوا صارمين ويتعمدوا اسلوب الحوار في الوقت ذاته، وان يضعوا حدا لأطفالهم، لكن شيئاً فشيئاً، مع اللجوء الى العقاب ان لزم الامر. ووفق المختصة كلود هالموس، فان سوء المعاملة اليوم لا يعني الضرب وانما قلة التربية.