هل يعقل هذا في بلد عربي ؟
جدل حول بيع أطفال مصريين بالخارج
أثارت تقارير صحفية زعمت أن مؤسسة أميركية تشتري أطفالا مصريين لصالح أسر أميركية وأوروبية جدلا متناميا. وعلى الرغم من نفي المؤسسة الأميركية الاتهامات، سلطت القضية الضوء على خطورة هذا النشاط وجدوى قانون لمكافحة الاتجار بالبشر أقره البرلمان المصري مؤخرا.
وتقول التقارير إن منظمة "بلان"، ومقرها الرئيسي الولايات المتحدة ولها فرع في مصر، تصرف على أسر شديدة الفقرة لأشهر قبل أن تعرض عليها فرصة إكمال تعليم أطفالها وتربيتهم داخل أسر أميركية أو أوروبية لا تنجب، مقابل عشرة آلاف دولار وراتب شهري للأسرة حتى يصل طفلهم إلى السادسة عشرة.
أطفال الشوارع
الوكيل السابق لمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس الدكتور محمد معوض يستبعد موافقة أي أسرة على بيع أبنائها تحت وطأة الفقر والعوز، لكنه أقر بأن مؤسسات يمكنها إقناع بعض الأسر بتسفير أطفالها بدعاوى مختلفة.
ويقول للجزيرة نت "بعض هذه المؤسسات تعرض على الأسر ما تسميها منحة تعليمية أو فرصة لقضاء فترة التربية والتعليم الأولى في بلد متطور يساعد في تهيئة ابنها ليكون شخصا متميزا على اعتبار أن الطفل سيعود ثانية إلى أسرته المصرية، لكن حتى هذا المبرر لا يقنع إلا عددا قليلا جدا من الأسر".
لكن معوض يحترس أكثر من دور رعاية وتنشئة قد تتورط في أنشطة من هذا النوع خاصة تلك التي تحتضن أطفالا مجهولي النسب، إذ "قد توافق، لرغبتها في الربح أو قناعتها بجدوى التجربة، على تسفير أطفال للتعلم والتنشئة في الخارج".
ويؤكد الباحث في قضايا الطفل أن فرص عودة الأطفال مستحيلة والعملية برمتها تثير جدلا شرعيا ووطنيا كبيرين، حيث إن الطفل الجديد سيكون منتميا بشكل كامل من حيث الدين واللغة والسياسة للوطن الذي تربى فيه، فضلا عن أن أسرته الأوروبية أو الأميركية الجديدة لن تبلغه هويته الحقيقية.
ويحذر من أن أطفال الشوارع يشكلون بيئة خصبة وفريسة سهلة لعمليات البيع والتسفير للخارج إذ "يسهل التعامل معهم عن طريق إلحاقهم بدور تربية متورطة في هذه الأنشطة ومن ثم تسفيرهم بدعاوى المنح التعليمية أو العلاجية ثم يباعون لأسر أجنبية وهم بالأساس لا يوجد من يسأل عنهم أو يهتم لغيابهم".
حالات فردية
رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة هاني هلال يتفق مع الرأي القائل بأن أطفال الشوارع بيئة خصبة لعمليات الاتجار بالبشر، لكنه يستبعد وجود "جريمة منظمة" لبيع أطفال مصر في الخارج، وإن حدثت حالات فردية.
ويقول للجزيرة نت "في العامين المنصرمين رصدنا حالات بيع أطفال لأجانب، لكنها كانت فردية بمعنى أنه حتى الآن لا يمكن القول إن مصر باتت تعرف هذا النوع من الجريمة المنظمة، لكن الخطر يظل قائما".
ويشير إلى أن أطفال الشوارع بيئة خصبة لعمليات الاختطاف والتسفير للخارج والاستغلال الجنسي والبشري، كما أنهم باتوا فريسة سهلة لاختبارات علمية وطبية تستهدف الجيل الثاني منهم أي أبناءهم.
ويطالب هلال بتفعيل دور لجان الرقابة في أجهزة الدولة للتعريف بخطورة الاتجار بالبشر سواء استهدف الأطفال أو البالغين، مشيرا إلى صدور قانون مكافحة الاتجار بالبشر (الخاص بالبالغين) وتعديلات طرحتها منظمات المجتمع المدني على قانون الطفل تتعلق بضوابط وآليات تنظيم سفر الأطفال خارج مصر خاصة أطفال دور الرعاية أو مجهولي النسب.
في إطار القانون
ونفى منتسبون إلى "بلان" بيعها أطفالا مصريين لأسر أجنبية، وشددوا على أن المنظمة تعمل في إطار القانون المصري تحت رقابة كاملة من الوزارات المعنية مما يكشف أي نشاط غير قانوني يصدر عن أي من فروعها.
وقال أحد مشرفيها في محافظة الجيزة "نقوم بأنشطة تنموية واجتماعية ونتمتع بسمعة طيبة لدى الأوساط الحكومية والمجتمع ومنظمات المجتمع المدني على السواء"، ونفى انخراط منظمته في أنشطة من هذا النوع.
وقال إن المنظمة تقوم بدور وسيط في التعريف بين الأسر الفقيرة المصرية والأسر الأوروبية الراغبة في مساعدة هذه الأسر مجتمعيا دون تجاوز هذه المرحلة.