تفاعل الطرشان
كتب حجاج بوخضور :
اعتبر الإسلام الوحدة الوطنية فريضة شرعية وضرورة حياتية، آتية من قوله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا». ومن الحديث الشريف «إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان».
لم أجد من النواب من يعرف معنى الوحدة الوطنية واستحقاقاتها حتى يتخذ موقفه السياسي. وحيرني أكثر التفاعل الذي خيم على الأجواء السياسية في تعبئة النفوس ومن ثم تختزل المساءلة لمثل هذه القضية المقدسة في وزارة الإعلام.
لذلك نأمل على كل من يريد الحديث عن الوحدة الوطنية ان يعبر عنها وفق مفهومها كما جاء ذكرها في القرآن والحديث الشريف وما اتفق عليه المفكرون قبل ان يتخذ موقفاً يزيد به اللغط الذي يدور وهو لا يعرف معناها.
ومفهوم الوحدة الوطنية يتألف من عنصرين هما: الوحدة، وهي كلمة محببة إلى النفس بمعنى اتحاد مجموعة من البشر في اللغة والاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والتاريخ في مكان واحد وتحت راية حكم واحدة. أما العنصر الثاني فهو كلمة الوطنية، وهي تعني تجسيد حب الوطن كتعبير عن الانتماء للمجتمع والنظام السياسي فيه.
وهي بمعناها السياسي اتحاد بين المجموعات التي تدرك ان وحدتها تكسبها استقراراً ونمواً مستمراً، وتماسكاً اجتماعياً وميزات اقتصادية وسياسية، تعزز مكانتها العالمية.
والوحدة الوطنية عند أبوحامد الغزالي تتحقق من خلال الحاكم لأنه هو أساس وحدة الأمة، ومحور الاتفاق بين الفرقاء بجمعه لها حول رأي واحد من خلال تعاقد سياسي قائم على الرضا بينهم وبينه.
وقد تعارفت نخب المفكرين القدماء والمحدثين الشرقيين والغربيين بالرغم من اختلاف الثقافات والبيئة من أمثال الكواكبي وروسو وغيرهما الكثير على ان الوحدة الوطنية هي قيم ومبادئ سامية قبل كل شيء تُفضي بالاتفاق والوفاق الى ثقافة وطنية مشتركة بإطار من التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين النظام السياسي والشعب تقوم على التآلف بين أبناء المجتمع على أساس من حقوق المواطنة دون تمييز لأحد على آخر ليتحقق بها التفاعل والتلاحم والتعايش السلمي والتنموي بين جميع أطياف المجتمع ليعملوا من أجل غاية واحدة، بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم المختلفة وانتماءاتهم الأيديولوجية أو خلفياتهم الثقافية السياسية الفرعية أو انتماءاتهم الفئوية والطبقية. ووسيلة تحقيق ذلك تكون في طاعة الشعب لأمر الحاكم وتوفير الحرية والإرادة الحرة للأفراد وإقامة العدالة والمساواة لجميع فئات الشعب أمام القانون بما يحقق الأمن والأمان والمساواة والرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع.