مـا يعـرف كُوعـه مِـنْ بُوعـه

تحــت المجهــر .. مـا يعـرف كُوعـه مِـنْ بُوعـه
بقلـم الدكتـورة : فاطمـة عبداللَّـه الـهيــل ..كُنْتُ أشاهد حلقة من برنامج " كـلام نواعـم " في قناة إم بي سي 1 وكان الحوار حول الإجهاض و تمَّ خلاله طرح سؤال حول : هل الفقر مبرر لإجراء عملية الإجهاض ؟ وقد استضافت البرنامج ضيفة تدعو إلى السماح بإجراء عمليات الإجهاض لأي سبب من الأسباب دون أي اعتبار للجانب الديني، وكان في الجانب الآخر دكتورة من جامعة الأزهر كانت تعطي حكم الشريعة الإسلامية في هذا الجانب.

والذي استوقفني في هذا الحوار، هو أن المحاورات النواعم بدأن يناقشن أمورا دينية دون معرفة وكأنهن متخصصات في الشريعة والفقة الإسلامي وكن يجبن بعضهن البعض بطريقة تدل على سطحية ثقافة هؤلاء المذيعات وعلى نوعية الخطاب العامي والذي إنْ دلَّ فإنما يدل على جهل وعدم معرفة .

هذه هي إحدى المشاكل التي نعاني منها هي أن الواحد أو الواحدة تتحدث عن كل المواضيع والقضايا وكأنها متخصصة في هذا العلم وتناقش نظريات وترفض استنتاجات عملية دون أن تقرأ حول هذا الموضوع، فقد تكون قد شاهدت أحد البرامج التلفزيونية أو قرأت مقالا عنه في مجلة تطرح المواضيع بتبسيط شديد دون الدخول في التفاصيل.

فمشكلة عدم احترام التخصص وأهل الاختصاص من مشكلات العصر المزمنة، حتى أن بعض الظرفاء قال لي : ان الشعب العربي نصفه دكاترة ونصفه مهندسون، سألته : كيف ذلك ؟ قال : اسأل أي شخص عن أعراض مرض ما وسوف يُشَخِّص أو تُشَخِّص المرض ويقترحون العلاج، وفي المقابل، اسأل أي شخص عن رأيه في عملية بناء فسوف يعطيك أفكارا أكثر من المهندس، ويقول لك : أنا أفهم أكثر من مليون مهندس .

وقيل أيضاً، لا تحلق ذقنك بين اثنين واحد يقول لك قصيرة والآخر يقول لك طويلة، إذاً هذا يدل على عدم احترام أهل التخصص، وهناك بعض الطلاب الذين ما ان ينهوا المراحل التعليمية الأولى حتى يبدأون بإبداء الآراء حول الاقتصاد والسياسة والاجتماع وعلم النفس وعلم الإنثروبولوجيا والفلك والطب والهندسة، وهذا أيضاً من أمراض العصر الحديث .

وكم أعجبتني كلمة فضيلة الشيخ د . يوسف القرضاوي حفظه الله، في حفلة تخريج حَمَلَـة الماجستير في الدراسات الإسلامية حينما قال مخاطباً الطلاب المتخرجين " أدعوكم ألا تظنوا انتهاء تكليفكم بحصولكم على الماجستير لأن بعض من يحصلون على البكالوريوس أو الليسانس أو أي درجة علمية يظنون أنها نهاية المطاف وأنَّ التكليف العلمي انقطع عنهم، والصحيح أنَّ العلم بحر لا ساحل له وعلى الانسان أن يستمر في طلب العلم من المهد إلى اللحد، وأيُّ شهادة يحصل عليها الإنسان تعد مفتاحاً للعمل لكن يظل ينقصه الكثير حتى أنا أعتبر نفسي طالب علم وسأظل، لذلك أدعوكم إلى الاستمرار في طلب العلم حتى تحصلوا على أقصى ما يمكنكم ".

إن الرجوع إلى أهل التخصص والاستماع إليهم والأخذ بآرائهم هو مفتاح النجاة ومفتاح التقدم والازدهار وقال الله سبحانه وتعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، وأهل الذكر هنا هم أهل التخصص والمعرفة لأن الأمم لن تقوم ولن تبني لها اقتصادا وتعليما وصحة إلاَّ بالرجوع إلى أهل التخصص، وليس كل الصابون صابون فهناك الأصلي، وهناك المضروب .... فاختر ما تريد .