الفتنة النائمة
كتب معصومة أحمد إبراهيم :
المجتمع هو نسيج واحد متفاعل ومتشابك يشد بعضه بعضا ويتكامل افراده لصياغة منظومة حياتهم اليومية، ويجب علينا جميعا، كمواطنين، احترام وتقدير بعضنا البعض، لاننا، جميعا، لنا مشاعرنا الخاصة بنا وكياننا الخاص ايضا، فقدان مشاعر الحب والصدق والاخلاص وضعف روابط الالفة والتسامح ليسا من شيم مجتمعنا الذي جبل على حب الخير والعطاء، ومن الظواهر الغريبة علينا النزاعات والصراعات المذهبية البعيدة عن القيم والاخلاق.
ومن المؤسف ان بعض نواب مجلس الامة الذين يفترض ان يكونوا قدوة لغيرهم يسيئون الى اخوانهم من المواطنين ويشككون في ولائهم للوطن، بل انهم يسيئون الى الوطن برمته عندما يصرحون عبر القنوات الفضائية ويتهمون ابناء وطنهم بالعمالة، وكأن شعب الكويت منقسم على نفسه وسيخوض حربا اهلية لا سمح الله.
ان هذا الشعب الذي اتحد بكل فئاته في احلك الظروف التي تعرضت لها الامة، وكان مثالا يحتذى من قبل العالم اجمع في التضحية والولاء والانتماء ابان الغزو العراقي الغاشم، واستطاع بوحدته والتفافه خلف قيادته السياسية تحرير البلاد من براثن الاحتلال الغاشم، لا يجوز ابدا ان نسيء لابنائه الذين ضحوا من اجل وطنهم ويشكك بعضنا في البعض ونطعن في وطنيتنا.
كما ان بعض النواب يوجه كلامه مباشرة عبر الفضائيات ويطالب الحكومة بقطع علاقاتها مع الدول، سواء المجاورة او الاوروبية، لانها ضد توجهه الفكري والمذهبي، وهذا ليس من اختصاصات السلطة التشريعية بل هو تدخل في عمل السلطة التنفيذية، واقحام البلاد في ازمات خارجية وتمزيق علاقاتها بدول العالم، الا تكفينا الازمات الداخلية حتى نفتعل ازمات خارجية مع دول بذلت الحكومة الكثير من الجهد والعمل لتقوية علاقاتنا معها؟
ان تقاليدنا وعاداتنا مستمدة من الشريعة الاسلامية التي تشجع على الخير والحق وتزرع الأفكار التي تنمي الحب والسلام واحترام الآخر وتقديره، مهما كانت طائفته أو عرقه أو لونه، وتنبذ العنف والعنصرية والطائفية والفئوية. والوحدة الوطنية هي وحدة عمل مشترك ولا بد من وجود الانسجام والشعور بالتماسك بين أبناء هذا المجتمع، وعلينا جميعا نبذ كل المقولات والأحاديث التي تكرس واقع العداء والتقسيم في الوسط الاجتماعي. ونحن بجميع شرائحنا وفئاتنا علينا أن نتعايش مع وجود الاختلاف في وجهات نظرنا وتباين افكارنا ومبادئنا، وان يكون همنا هو المصلحة العامة، ونتذكر بأننا يجمعنا وطن واحد ودين واحد وقومية واحدة، فنحن في أشد الحاجة الى تجديد روابطنا الاجتماعية والحفاظ على نسيجنا المجتمعي من التمزق بدعاوى الغلواء التي توقظ نار الفتنة في المجتمع، ويتناسون ان المجتمع الصالح يستوعب الجميع ويؤلف بينهم، ونتمنى من الذين يدّعون غيرتهم على الاسلام أن يدركوا أن الاسلام هو دين المحبة والتسامح والاخاء، لا الفرقة والتجريح والاتهام، وندعو لهم بالهداية والصلاح وان يتدخل الله بمشيئته لشفاء ما في القلوب من مرض، ونقول لهم «الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها».