كتب غسان سليمان العتيبي : |
ما بين عزة النفس والغرور شعرة فاصلة، فالإنسان المتكبر المتبختر، الظالم المتجبر يلقى من عموم الناس كرها وبغضا، وحتى الملائكة ورب السماء، وحتى الحيوانات الصماء تمقت أمثال هؤلاء المتكبرين المتجبرين، لأن الغرور مرض يصيب الإنسان في المحرك الأوحد الا وهو القلب، والقلب اذا اصابه داء الغرور فسد وفسد معه باقي الجسد.
المتكبر ينظر دوما الى غيره بدونية، ويرى نفسه فوق الجميع، ولا أعلم حقيقة هل التكبر وراثي أم مكتسب، وان كان مكتسبا فما معطياته؟ فالإنسان اذا نظر الى نفسه وتفحصها جيدا وجد انها حقيرة، فهذا الجسد الجميل خلق من طين حقير، وتلك الملابس الفاخرة زائلة، ولكن الإنسان يغتر حين تحوي خزينته المال، وحين لا يجد صدا ممن حوله، وعبّر إيليا أبو ماضي عن هذا الواقع المرير بقول جميل: «يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير الذي تلبس واللؤلؤ الذي تتقلد
ولقلبي كما لقلبك أحلام حسان فإنه غير فرقد».
وهذا لا يعني ان يعيش الإنسان ذليلا حتى لا يقال عنه متكبر، بل عزة النفس مطلوبة، وقد حث عليها العرف والدين، ومن صفات الإنسان المسلم العزة، ومن صفات المولى عز وجل العزيز، والمفهوم ما بين العزة والغرور ان عزة النفس ناتجة عن قناعة ورضا، ولا يمس النفس فيها دناوة ولا فضول، اما التكبر فإنه يؤذي الفرد نفسه، وكذلك من حوله، ولو فكر المرء قليلا لعلم ان الحياة زائلة وكل الأجساد مأواها التراب.
ان يحيا الإنسان بطبيعته وعلى سجيته هو الأفضل ولا شك، فانظر الى الحياة لو ان كل الناس عاشوها ببساطة ومن دون تعقيد، بعفوية ومن دون تكلف، انظر اليها فستجدها جميلة خالية من التعقيد، فلنعش حياتنا قبل مماتنا، فالحياة وقتها ستحذوها البهجة وتعمها الفرحة، ويرضى عنا الرب.