العيد: هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: (سُمِّيَ العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدد). «لسان العرب 3-319». وقيل: لأنه يعود بالفرح والسرور على الناس. وقال بعض أئمة اللغة: الأصل أن العرب تصف الشيء الذي فيه اجتماع بكونه عيداً.
وأول جمعٍ و جمهرة لصلاة العيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم كانت في السنة الثانية من الهجرة، وذلك أن افتراض الصيام كان فيها. والحكمة في عيد الفطر السعيد ، أنه بعد أداء مشقة صيام شهر رمضان المبارك والقيام والتهجد ، ليفرح المسلم بقبول الله له ، يفرح بشكر ربّه على نعمة التقرب لله بالصيام .
فالعيد هو يوم استلام الجائزة بتكريم الله تعالى لعباده المؤمنين (رمضان أوله رحمة وأوسطه مغقرة وآخره عتق من النار) جائزة على الفوز بالصبر والورع، فنُسك الصوم تميز واختص بأمورٍ عديدة دون سائر العبادات التى أمرت بها الشريعة أو نهت عنها، لما فى الصوم من المشقة المقتضية للصبر على الحر والعطش والتخلي عن شهوتي البطن والفرج، فصار الصوم صبراً روحانياً جميلاً ، مثل نصف الإيمان ، فكسر سلطان النفس و ما تأمر(وما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء)»يوسف 53».
ويوم العيد هو يوم فرح وسرور، وأفراح المؤمنين في دنياهم وأخراهم إنما هي بفضل مولاهم كما قال الله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)»يونس58» .
يؤدّي المسلمون مراسيم عيد الفطر السعيد في صباح أول يوم من شوال ، فيبدؤن بالتكبير من وقت الخروج إلى الصلاة إلى وقت بدء الخطبة ، و بأكل بعض التمرات أو كعك العيد الطيب المحشو بالتمر، ويحرّم صيام أول يوم من أيام عيد الفطر، ويستمر العيد مدة ثلاثة أيام
وبعد شروق الشمس بثلث ساعة، يؤدون صلاة العيد وهي فرض كفاية بحيث لو قام بها بعضهم سقط الإثم عن الباقين ، السنة أنّ الصلاة قبل الخطبة، (كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة )»البخاري 1/326» وأنها من غير أذان ، (إنّه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر)»البخاري 1/237» و صفة صلاة العيد ركعتان يكبر الإمام في الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات، ويكبر في الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات، يجهر فيهما بالقراءة، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسورة (ق)، وفي الثانية بسورة (القمر)، أو يقرأ في الأولى بسورة (الأعلى)، وفي الثانية بسورة (الغاشية). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة) «مسند أحمد3/21» والأولى أن يرفع يديه مع كل تكبيرة لما روي عن عمر رضي الله عنه (كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيدين )»ابن رشد 2/32». الكلّ جائزٌ، وأنّ الأمر فيه واسعٌ، قال الإمام أحمد: «اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير، والكلّ جائز» «المغني4/32» و يستحب أن يقف بين كل تكبيرتين قدر آية وسطًا، يهلل الله تعالى ويكبره ويمجده، أو يقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، أو (الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا).
والسنة أن يلتقي المسلمون ويتجمعوا- الرجال والنساء - حتى العواتق وربات الخدور حتى الحائض ومن أقوى الأدلة على ذلك حديث: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق وذوات الخدور والحُيَّض، وقال: أما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين وفي رواية ودعوة الناس)»مسند أحمد5/85 « .
في العيد يتبادل المسلمون التصافى والتحابب والتهاني ويزورون أهلهم وأقرباءهم، وهذا ما يعرف بصلة الرحم. كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه وجيرانه، ويعطفون على الفقراء.
تعلم للعيد السعيد فن التسامح وعش بمنطق الهدوء ، لا تجعل قلبك مستودعا للكره والحقد والحسد والظلام ولنجعل الصحابة قدوةً لنا «كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك»فتح الباري، 2-446» .
ولا بأس من المعايدة بما قد جرت العادة في كثير من الدول العربية بالتهنئة بقول: عيدكم مبارك، أو كل عام وانتم بخير. و ليس ذلك من البدعة فى شيء.
ولقد تميزت أعياد المسلمين عن غيرها من أعياد الجاهلية بأنها قربة وطاعة لله وفيها تعظيم الله وذكره كالتكبير في العيدين وحضور الصلاة في جماعة وتوزيع زكاة الفطر مع إظهار الفرح والسرور على نعمة العيدين ونعمة إتمام الصيام في الفطر. ولا بد من معايشة فرحة العيد بالعاصر والجديد كلما دار الزمن وتجدد العيد.
فالعيد في الإسلام ليس ذكريات مضت أو مواقف خاصة لكبراء وزعماء، بل كل مسلم له بالعيد صلة وواقع متجدد على مدى الحياة.
وقد رخص النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين في هذا اليوم إظهار السرور وتأكيده، بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح، بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين ورُوي عن عروة قال دخل أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وعند عائشة رضي الله عنها قينتان تغنيان في أيام منى والنبي صلى الله عليه وسلم مضطجع مسجيا ثوبه على وجهه فقال أبو بكر أعند رسول الله يصنع هذا فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه ثم قال (دعهن يا أبا بكر فإنها أيام عيد)»الطبراني 23/180» . اللهم اجعله عيداً سعيداً على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . والله من وراء القصد ،،،