لماذا تفضح إسرائيل عملاءها الفلسطينيين؟
بصرف النظر عن الأسباب التي تقف وراء اغتيال محمود عبدالرؤوف المبحوح القائد العسكري في حركة حماس يوم 19 يناير الماضي في اليوم نفسه لوصوله إلى دبي، فإن هناك ملاحظات تستوجب التأمل:
الملاحظة الأولى: ان المبحوح وصل إلى دبي بجواز سفر مزور يحمل اسما غير اسمه، ولا يصحب كما كشفت الصور الفيلمية التي أذاعتها سلطات دبي أي حراسة. فهو وصل من دمشق كشخص عادي جدا يحمل جنسية أخرى، وأجرى قيده في فندق البستان بطريقة عادية وصحبته فتاة من الفندق إلى غرفته كما هو الحال مع أي زبون عادي، في الوقت الذي كان موعد سفره من دمشق وموعد وصوله وشخصيته التي تنكر بها معروفة سلفا للذين خططوا لاغتياله، وقد ظهر منهم في الفيلم المثير الذي أذاعته دبي من كان ينتظره أمام الفندق وفي ردهة الفندق بل وصعد معه اثنان يرتديان ملابس التنس ويمسكان بمضربي اللعبة إلى الطابق نفسه، وتتبعاه وهو يذهب إلى غرفته.. كل هذا والمبحوح مطمئن الى أنه شخصية غير معروفة، الأمر الذي يشير إلى أن المبحوح كان تحت السيطرة من قاتليه منذ كان في دمشق.
الملاحظة الثانية: ان سلطات الأمن في دبي اثبتت أنها على أعلى درجة من الاستعدادات.. صحيح أن الجناة أفلتوا إلى الخارج، ولكن السيطرة الأمنية الكاملة على دبي استطاعت بعد اكتشاف الجريمة أن تراجع عشرات الأفلام التي صورت خلال يوم الجريمة والأيام التي سبقته في المطار وفي بعض أسواق المدينة والفندق داخله وخارجه، وتستخرج سيناريو الجريمة بالكامل باليوم والساعة. ولهذا عندما ذكرت اسرائيل ان امرأة أغوت المبحوح ودقت باب غرفته في الفندق فقد جاء فيلم دبي ليقتل الأكذوبة في توها.
الملاحظة الثالثة: ان الجناة لم يضيعوا وقتا وقتلوا المبحوح فور وصوله لتوقعهم أن تغيرات يمكن أن تحدث إذا انتظروا، في الوقت الذي كانت شبكة المراقبة التي تضم عددا قدرته دبي بـ 26 شخصا قد أعدت كل شيء.
الملاحظة الرابعة: ان إسرائيل، وهي المتهم الأول في الجريمة، تصرفت تصرفات بالغة الغرابة عندما نشرت صحافتها، في الوقت الذي كانت الأنظار متجهة إلى جريمة المبحوح، أخبارا عن فلسطينيين ذكرتهم بالاسم قالت انهم يعملون منذ سنوات عملاء لجهاز «شاباك»، منهم ابن مصعب حسن يوسف القيادي المعروف في حركة حماس، الذي اعتبرته صحيفة «هآرتس» نقلا عن المسؤولين في الجهاز الأمني شاباك «المصدر الأكثر مصداقية والأرفع مستوى» وأنه بفضله تمكنت اسرائيل من اجهاض عمليات استشهادية ضدها والكشف عن عديد الخلايا التي كانت تعدها حماس، مما كان واضحا معه تشويه صورة الفلسطينيين والتركيز على توجيه الاتهامات إليهم باعتبارهم المسؤولين عما يحدث لهم.
والذي حدث أننا أصبحنا أمام فضح مفاجئ لعملاء كانوا يخدمون إسرائيل وذبحتهم اسرائيل بعد أن أصبحت بالتأكيد في غنى عن خدماتهم وأرادت تصفيتهم بيد شعوبهم. لكن الرسالة الأهم من فضح هؤلاء العملاء في هذا الوقت، تأكيد اسرائيل أن مصادر معلوماتها تأتي من داخل البيت الفلسطيني، من اهل البيت نفسه سواء بالنسبة للماضي أو الحاضر، وأن ضحية في حجم المبحوح لابد أن المعلومات عنه قد وصلت إسرائيل، وهو في دمشق، وهو يعد لرحلته وجواز سفره ومواعيده بالطرق السابقة نفسها من داخل البيت وعن طريق أهل البيت!
13/3/2010, 9:39 pm