العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله
كتب محمد بن إبراهيم الشيباني :
دخلت على الشيخ عبدالعزيز بن باز صباح يوم من عام 1986 في مكتبه، وكنت على موعد معه، ورأيت ثلاثة مشايخ أساتذة متحلقين حوله، وكل واحد منهم أمامه كومة كبيرة من الملفات ملأى بالأوراق بألوانها المتنوعة، والشيخ يجيب عن كل واحد منها إجابة واحدة، ويكتبها ذلك الأستاذ، ثم يوقعها الشيخ، وهكذا الثاني والثالث! ثم يتوقف الثلاثة عن السؤال لدخول صحافي يجري لقاء صحفيا سريعا معه، ثم يخرج فيتصل أناس من أميركا أو أوروبا أو دول عربية أو خليجية أو آسيوية، فيرد على أسئلة المتصلين، ثم يتصل مسؤول أو أمير يسأل عن موضوع ما، ثم يدخل صحافي آخر أو صاحب شكوى، أو حاجة مهمة، أو جماعة من القبائل أو .. أو ..! رأيت صنوف الناس وسمعت أنواع الشخصيات تحادثه فقلت في نفسي: في هذا اليوم رأيت في مكتب الشيخ ما رأيت، فكيف بباقي الأيام. ثم تأتي فترة الظهيرة، فيذهب يصلي في المسجد الملاصق للدار، ثم يرجع إلى المكتب، فيحزم حقيبته، ثم يذهب إلى بيته، فمن مكتبه إلى السيارة إلى بيته لا تنقطع المكالمات الهاتفية من الداخل والخارج، ثم يجهز الغداء، فترى عشرات البشر من كل البلدان تشاركه الغداء، يقول أحد أساتذة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهو صديق لي: هكذا يوميا، الغداء في بيت الشيخ، وبعد الغداء تكون الدردشة والنقاش معه، بل المرح والضحك. كان يسعد بلقاء الضيف، ويسمع منهم لطائف أحاديثهم، وحكاياتهم يتخللها الملح ونوادر الأخبار.
لم أر بعد الشيخ ابن باز إنسانا مثله في البركة في علمه، ووقته وخدمته للناس كافة، وهذه الأعمال في الرياض فقط، حيث سكنه، وكذا الأمر في سكنه في الطائف، حيث يمتلئ بالضيوف القادمين من كل فج عميق، وبيته في العزيزية (مكة المكرمة) وضيوفه كذلك الكثر كلهم على نفقته الخاصة في الحج والعمرة.
كف البصر لم يمنعه من العلم والعمل، وخدمة البشر بالقول والعمل، فكان كل وقته وعمله بركة وخيرا.
رحم الله الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز، وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا معه برحمته الواسعة.. والله المستعان.
* * *
• شكر الناس!
قول نبينا الكريم: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله». حديث صحيح.