مرض يستفحل بأركان المجتمع |
إعداد: أحمد المسعودي
ثقافة العداوة تنتشر.
مرض سرطاني يستفحل في أركان المجتمع.
مرض اجتماعي استفحل وأمامه تتآكل هيبة القانون.
كلها كانت مشاريع عناوين لملف واحد هو «العنف الدموي في الكويت.. الوطن الضحية».
في أكتوبر العام الماضي نشرت القبس ملفا عن العنف تحت عنوان ا خ خ ولقي حينذاك صدى طيبا.. ولكن الحكومة لم تتحرك.
قبل نحو اسبوعين «قتل» نعم «قتل» تلميذ زميلاً له أمام المدرسة، وتعاملت معها القبس كقضية اجتماعية خطيرة.
وزارة التربية سارعت الى اتخاذ خطوات وقائية علاجية، ولكن الوزيرة موضي الحمود كانت واضحة وشجاعة في قولها إنها حالة مرضية اجتماعية.
تحركت وزارة التربية.. ولكن الحكومة لم تتحرك لمعالجة هذا المرض الاجتماعي!!
تفتخر الكويت بمشروع مركز لنشر «الوسطية».
ولكن الحكومة لم تتحرك لمواجهة خطر ثقافة العداء أو العدوانية التي تتفجر في أي لحظة.
في أي مكان.. في الشارع في المدرسة في المنزل في العمل في المدرجات الرياضية.
تنفجر في اي مكان كبركان من العنف الدامي.
القبس تفتح اليوم ملف «العنف الدموي في الكويت.. الوطن ضحية» وهي على قناعة بان سيناريو «الهون ابرك ما يكون» سيكون الخيار الاقرب.. والاسهل.
انها قضية وطن.. لأن كل ابنائه في خطر.
المدارس وساحات تعليمها تحولت ساحات معارك لانها متنفس لاحتضان طائفي او قبلي او مناطقي، وتسيل دماء ابنائنا على طاولات العلم في ظل وجود ادارات متقاعسة.
المجمعات التجارية مع نهاية كل اسبوع على موعد مع عرض لابشع انواع «الرجولة» لفتية يتسلحون بالسكاكين والعجرات بدلا من اجهزة اللاب توب والكتب، ويحولون اروقة المجمعات الى ساحات معارك في غياب واضح لرجال الامن.
في الشوارع يمكن لــ«خزة» ان تسقط قتيلا في الحال.
.. ويمكن ايضا لانعطافة خاطئة من سائق ان تستنفر قبيلة او طائفة او منطقة.
انها اكبر من مسألة تشكيل لجنة في وزارة التربية لتدارس اسباب العنف المدرسي. بل مرض يصفه البعض بانه يصبح شيئا فشيئا مرضا عضالا..
فهل تتحرك الحكومة هذه المرة
ام ان «الهون أبرك ما يكون»
وهذا هو المرجح.. اخ خ خ.
بعد أن كان الوالدان خير قدوة في الحوار الراقي
أمهات يتحولن إلى مدربات مصارعة آباء يفتخرون بعنف أبنائهم في الديوانيات!
لم تكن الام الكويتية قديما، وحتى كبيرات السن منهن حاليا، بحاجة للجوء الى التوجيه او النصح المباشر عند تربية اولادهن، او تثقيفهم لناحية عدم جدوى لغة العنف، وتخلف وسيلة الضرب والمشاجرات في حل اي خلاف، فقد كانت احداهن تكتفي باتباع منهج حكيم، يحرك مجرى الاسئلة في ذهن الطفل، ويدفعه إلى الاعتقاد الذاتي بسخف لجوئه للعنف، وذلك رغم عدم تمتعهن كما امهات اليوم بقدر عال من التعليم النظامي، غير ان مدرسة الحياة كانت مناهجها افضل بمراحل مما هي عليه اليوم.
على سبيل المثال، كانت الام تلجأ الى اغنية بسيطة الكلمات واللحن، وذات بعد ساخر بعد فض المشاجرات بين ابنائها تقول فيها «تهاوشو القطاوة.. على سبة حلاوة»، ما يحفزهم على التفكير بسبب رؤية والدتهم لهذا العنف على انه شيء «تافه» ولا يمثل حلا نموذجياً، فيشبون على لغة حوار راق، ومستوى ارفع من الادب.
ولكن، هل ما زال الوالدان والام تحديدا يلعبان ذات الدور التوعوي؟ واذا كانا كذلك لماذا اذن تنامت ظاهرة العنف في البلاد بين الاطفال والمراهقين الى حد وصلت فيه الى جرائم قتل متعمدة؟
الواقع يجيب ان الاوضاع تغيرت كثيراً، فعدد غير قليل من الامهات بتن يحثثن ابناءهن وبناتهن على اللجوء الى العنف حتى ينالوا حقوقهم، والتوجيه يبدأ من مرحلة رياض الاطفال، فلم يعد امرا طبيعياً لدى هؤلاء الامهات ان يشترك أطفالهن في «هوشة يهال»، ولا بد ان تؤهله ليرد الصاع صاعين، بل ويبدأ المعركة ان لزم الامر، فتتحول الى مدرب مصارعة، وتطلب من فلذة كبدها اجادة كل انواع القتال!
ولا يختلف الامر كثيرا عند بعض الآباء، بل يتعداه ليصل الى مرحلة التفاخر بانجازات ولده «الهواشية» العظيمة، فيروي بطولاته امام رواد الديوانية، وكأنه يتحدث عن فتح القسطنطينية!
ويشير أحد المدرسين العاملين في وزارة التربية بهذا الصدد الى انه استدعى ولي أمر طالب اشترك في مشاجرة دامية في المدرسة، فلما حضر الأب كان السؤال الأهم بالنسبة إليه هو «ولدي طق ولا انطق؟»، ولما كان رد المدرس أن ولده اعتدى بالضرب المبرح على زميله ولذا تقرر فصله، قال بكل تبجح «كفو والله ولدي.. أكيد هناك غلط عليه وأدبه»!
ولا يبدو الأمر أفضل حالا في مدارس الفتيات من حيث انتشار ظاهرة العنف، لكن الفارق الوحيد هو أن الكل يريد «الستر» وفق مفاهيم العادات والتقاليد، فلا قضية يجب أن تسجل ولا إعلام يجب أن يعرف، بل يجب أن تتم «طمطمة» كل شيء درءا لتشويه السمعة!
ولأن كل شيء في الكويت يمكن أن يحور إلى غير مغزاه، فإن الكثير من الحقائق يتردد الباحث والمهتم في نشرها أو حتى الإشارة إليها، فيفضل اتباع منهج النعامة (دفن الرأس في الرمال) على اطلاقها، ومواجهة تهم العنصرية أو الطائفية أو الفئوية، منها على سبيل المثال لا الحصر التطرق للفئة الأكثر وقوعا في المشاجرات بين فئات المجتمع، أو تحديد ارتفاع نسبتها في مناطق معينة من دون أخرى، وهي كلها قد تفسر بأنك تقلل من شأن فئة ما أو تنتقدها من دون وجه حق، ولكن كيف السبيل إلى العلاج إذا لم نكن شفافين كفاية في التشخيص؟
وأخيرا، لا يختلف اثنان على أهمية الدور التربوي في غرس قيم التهذيب والرقي في التعامل والحوار منذ الصغر، لكن المعضلة تكمن في حقيقة أن «فاقد الشيء لا يعطيه»، والمعضلة الأكبر إيمان البعض بأن هذه اللغة هي حقا من يجلب الحقوق في دولة القانون.. الكويت.
رجال أمن.. مهاوشجية
يشكو كثير من المواطنين من ان رجال الامن يستغلون سلطاتهم لفرض ارائهم ومعتقداتهم، لا بل ان كثيرا منهم يتورطون في مشاجرات فزعة لاحد ابناء القبيلة او المنطقة او الطائفة، مما يعني انه ترك القانون خلفه ولحق بركب الولاء لــ «الجماعة».
التمرد في الصغر
كان لافتا عندما احتج بعض اهالي ام الهيمان على التلوث البيئي كيف استغلوا براءة الطفولة واخرجوا تلامذة المدارس من فصولهم للاضراب.
والسؤال الكبير هو: اذا ما تم تعليم الاطفال منذ صغرهم على التمرد وكسر القوانين بهذه الطريقة فأي جيل من رجال ونساء الغد ننتظر؟.
الفواز: الموروث القبلي أبرز أسباب العنف
أرجع مشرف دار الفتيان عبدالله الفواز أسباب تفشي ظاهرة العنف بشكل عام الى ثلاثة اسباب رئيسة وهي: النزعة القبلية وما يعرف بالفزعة وتدني مستوى الفكر الثقافي ونقص التشريعات التي تردع هذه الظاهرة.
وقال الفواز: بالنسبة للسبب الاول من الملاحظ ان جرائم الاحداث والعنف تكثر في المناطق الخارجية اكثر من المناطق الداخلية، وذلك بسبب تفشي ظاهرة الفزعة للقبلية ورسوخ الفكر والموروث القبلي فاغلب الاحداث الموجودين في الدار هم من تلك الفئة.
وتابع: ان رسوخ ذلك الموروث ادى تلقائيا الى تدني مستوى الثقافة لدى الاحداث، فبدلا من ان يجنح الى الاتزان والسلوك السليم نجده ميالاً الى العنف، وكان من الاجدى من اولياء الامور توعية الابناء وتطعيمهم بجرعات من وحي تعاليم ديننا الحنيف.
ب س : فزعت لصديق وضربت شخصاً كدت أن أقتلهب س، يبلغ من العمر 15 عاما خرج يتنزه الى البحر مع اقرانه وتشاجر مع احد الشباب والسبب ايضا نظرة تلتها طعنات في الظهر فيقول: تشاجرنا ثلاثة بثلاثة من رفاقي انتهت الى قليل من اللكمات بعد مضي ساعة تقريبا تصادفت معه بمكان آخر فهرولت مسرعا لضربه مرة اخرى ولكني فوجئت بانه مطعون في الظهر بشجار آخر مع شباب آخرين وطلب مني ان اتركه وفعلا تركته، وبعدها فوجئت انه قد ابلغ عن رقم السيارة التي كان يستقلها احد رفاقي الذي كنا معه وها هي القصة تنتهي بادارة الاحداث. وتابع تشاجرت كثيرا مع الطلبة في المدرسة وكانت المشاجرة لا تخلو من الدرنفيس والسكين والقلم أو أي اداة حادة لان عدم قيامي بذلك سيجعلني جبانا في نظر الآخرين.
خ ع: بسبب خزة أنا في الأحداث اليوم
«خ.ع» في عمر الزهور، خرج من نادي الجهراء بعد ساعتين من مباراة شائقة وعندما هم بالخروج وأثناء تزاحم البعض عند الباب نظر اليه احد المراهقين من هم في عمره، فقال «خ.ع» اشفيك تخزني فقال الآخر ما فيني شي.. وصاحب ذلك تراشق بالكلام البذيء انتهى عند فناء النادي بلكمات وضرب، ولكن في اليوم التالي كان الموعد مع العصي والسكاكين وغيرها من الأدوات الحادة، ولم تخل من اشتراك ابناء عوائل كلا الطرفين في المشاجرة. وتابع خ.ع الذي يبلغ من العمر 12 عاما وهوفي الصف السادس:لقد فوجئت ان الآخر معي في المدرسة نفسها ولم تخل الايام التي سبقت المشاجرة الكبيرة من كر وفر في مشاجرات طفيفة حاول المدرسون انهاءها الا انهم لم يستطيعوا مشيرا الى انه يشعر بالندم حتى هذه اللحظة، لكن اعتقد ان الكل مسؤول.
الفزعة والواسطة والتعدي على القانون وراء انتشارها:
السنان: نحتاج لتضافر الجهود للقضاء على العنف
أرجع مدير ادارة الأحداث في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عبداللطيف السنان أسباب العنف الطلابي أو العنف عند المراهقين بشكل عام الى عدة عوامل، أبرزها تفشي ظاهرة التعدي على القانون والتجاوز على الأنظمة واللوائح، الأمر الذي خلق لدى الشباب المراهقين الرغبة في اقتحام ذلك الباب، فضلا عن غياب دور الأسرة والمجتمع وبعض مؤسسات الدولة.
الفزعة والواسطة
وقال السنان ل القبس ان تنامي ظاهرة الفزعة والواسطة والمحسوبية كانت سببا رئيسيا وراء انتشار جرائم القتل والمشاجرات باستخدام الاسلحة البيضاء، ناهيك عن ادراك الشباب المراهقين بوجود ظاهرة الواسطة، الأمر الذي سهل عليهم ارتكاب الجريمة.
وتابع: إن إحصائيات الإدارة تكشف عن ارتفاع نسبة الأحداث المنحرفين والمرتكبين لجرائم العنف الطلابي خلال العامين الماضيين، حيث يرجع ذلك لعدة عوامل تم حصرها وهي:
1 - الرغبة في استعراض القوة ومحاولة اثبات الذات أمام الآخرين.
2 - التأثر بوسائل الإعلام ومحاولة التقليد الأعمى.
3 - الإحساس بالعدوانية.
4 - غياب دور الاسرة والمجتمع والدولة.
وزاد: إن انحراف الحدث وميوله للعنف يكمن في عدم وجود سلطة ضابطة لمتابعة ومراقبة سلوكه، فضلا عن تعدد الزيجات لدى الأب وانشغال الأم وتورط ذلك الشباب بقضايا الانحراف كالمخدرات والقتل والخطف والسب وغيرها من السلوكيات التي تفرضها قيم المجتمع.
تخطيط واستثمار
وأكد السنان ان ازدياد حالة العنف الطلابي تنبع من عدم وجود رقابة شديدة من قبل المدرسة أو الاسرة، خاصة في فترة الصيف، الأمر الذي يتطلب استثمارا صحيحا للشباب في الإجازة الصيفية وايجاد خطط ناصعة في هذا الصدد تشترك فيها الاسرة والمجتمع.
واضاف: لا يخفى على الجميع ان المجتمع اصبحت فيه امور لا تؤثر في الناشئة، لا يستطيع امامها ان يتحكم بسلوكه، كان نتيجتها القتل والعنف الطلابي والعنف في المجتمع وأدى ذلك الى ارتفاع نسبة النزلاء في دور الأحداث في الدار.
جرائم الأحداث خلال السنوات الأربع الأخيرة
أظهرت الاحصاءات الخاصة بجرائم الأحداث خلال السنوات الأربع الماضية على مستوى المحافظات، ارتفاعا ملحوظا، حيث احتلت الجهراء المرتبة الأولى في عام 2006 بواقع 391 جريمة، وجاءت الأحمدي الثانية 240 جريمة، وحولي الثالثة 220، والفروانية الرابعة 206، ومبارك الكبير خامسة 106، والعاصمة سادسة بواقع 74 جريمة.
وفي عام 2007 الجهراء الأولى بواقع 580 جريمة، والأحمدي 382، والفروانية 362، وحولي 345، ومبارك الكبير 175، والعاصمة 159. في حين كانت خلال عام 2008 الجهراء 668، الأحمدي 423، الفروانية 378، حولي 354، مبارك الكبير 223، والعاصمة 149.
في حين كانت في العام الماضي الجهراء 573، حولي 349، الأحمدي 341، الفروانية 304، العاصمة 148، مبارك الكبير 134 حالة.
نزلاء الأحداث:
الفزعة تبدأ بـ {خزة} وتنتهي بالدماء
قصص نسجت من واقع الحقيقة لا من نسج الخيال، وهي نتيجة اهمال تام من كل الاطراف المعنية بدءا من الاسرة والمجتمع فمؤسسات الدولة الرسمية والاهلية، اشترك فيها عامل آخر وهو نقص الوازع الديني والميول للعنف بحكم السن او فترة المراهقة وهي مرحلة تحمل ابعادا خطيرة ان لم يتم تدارك ما تحمله تبعات ذلك العنف.
القبس أرادت ان تقف عند عتبة الحقيقة، علنا نفلح بان نجد الحلول الناجعة، فقامت بزيارة الى دار رعاية الاحداث في مجمع دور الرعاية التابع لوزارة الشؤون والتقت ثلة من الشباب في عمر الزهور لكل منهم حكاية ورواية وربما بينه وبين نفسه وفي سريرته يقول «هذا ما جنته يداي».
تكلموا بكل صدق وهم مدركون للخطأ او الانحراف الذي اودى بهم الى هذا المكان، فلكل منهم قصة لا تخلو من الاسباب التي نسجت خيوط حكايته ومأساته وجعلته حبيس الجدران في دار رعاية الاحداث رغم الاهتمام من قبل المسؤولين، الا انهم محبطون ويترقبون يوم الفرج فربما يرحل الى السجن المركزي واما ان يعود أدراجه الى المجتمع حاملا معه تجربته، وهنا يكون هذا الحدث بين زمنين فاصلين لحياته فاما سويا واما ان يكون اكثر عنفا مما سبق.
عندما انطلقت الى المبنى كان ينتابني شعور مفاده ان اللقاءات معهم ستكون عادية كأي لقاء مع مسؤول بحكم عملي، ولكني فوجئت بان الوضع مختلف تماماً، فالأمر يحتاج فهما وحذرا اكثر من جميع النواحي في كيفية ايصال المعلومة وتبادل الاحاديث معهم، ناهيك عن ان وضع كل قصة يختلف عن الاخرى، الامر الذي يتطلب ان تكون لديك «ملكة التعامل» و«كاريزما» خاصة، واخترنا اربع عينات، فضلنا ان نلتقي كل حالة على حدة منعا لاحراج بعضهم البعض اثناء الحديث معهم.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاءات المنفردة:
«ف.غ»: أنا عنيف جدا وضربت أختي وكادت تموت
«ف.غ» تنهد قليلا قبل أن يخبرنا بقصته، شهيق حاد يخرج من أحشائه التي تخفي هذه القصة فسكت برهة، وقال: أنا من عائلة محترمة وابن أصل وفصل، أبي كان يلبي كل طلباتي ولا يبخل علي بشيء ولكن وفق أسس سليمة، فلا يعطيني كل شيء ولا يمنع عني كل شيء، أي ممسك بالعصا من الوسط كما يقولون ولكن..؟
قلت أكمل لماذا توقفت؟ فأجاب: أنا ندمان على ما اقترفته يداي فلقد قمت بضرب أختي ضربا مبرحا كادت أن تموت وأدى إلى وجود جروح بليغة في رأسها نقلت على إثرها للمستشفى.
وتابع: أنا عنيف جدا ولا أحب ان يرتفع صوت أحد فوق صوتي، وذات يوم منعتني أختي من الدخول إلى البيت، وقالت: «كم مرة نبهناك بألا تتأخر بعد نص الليل، الحين ما دش البيت» وحدث خلاف حاد أدى إلى ضرب أختي واتصلوا بالمخفر الذي سلمني فيما بعد إلى الأحداث وها أنا بينكم اليوم.
وسألناه عن تطاوله على اخته وأهل بيته بأنه ليس بالشيء السهل، فماذا عن المدرسة؟ فقال: أنا أصلا مفصول منذ سنوات ولم أكمل دراستي وتوقفت عند الصف الرابع الابتدائي لأني كثير «الهواش» مع المدرسين والطلبة، كما إنني كثير الغياب، وعلى هذا الأساس تم فصلي تماما من مقاعد التعليم.
وقال الحدث «ف.غ» من المعروف ان سلاح الطالب هو العلم والقلم والكراس، ولكن سلاح الطلبة خاصة من هم في عمري هو السكين والفرجار والقلم وغيرها من الأدوات بسبب خزة أو ليش أطالع.
كان خلاصة حديث «ف.غ»، حينما توقف عن الكلام ثم عاود الحديث، هو: تبي أخلصك وتبي أسر لك بشيء، قلت تكلم، فقال: البيت والأهل والشارع والمدرسة هم من كانوا وراء وجودي هنا، فنحن نشعر بضياع أدى بنا إلى هذا المكان.
ح.ف: مشاجرة كبيرة ولّدت لديّ حب الانتقام
قال الحدث ح.ف انه اشترك بمشاجرة كبيرة ضمت قبيلتين بسبب مشاجرة بين حدثين انتهت الى معركة استخدمت فيها السكاكين والسواطير وغيرها، الامر الذي ولد لدي رغبة الانتقام في اية مشاجرة تحدث معه مستقبلا، وهو ما حدث بالفعل فكانت النخوة تحتم علي مساعدة احد رفاقي في مشاجرة ودفعتني لطعن احدهم وها انا انتظر الحكم اليوم.
م.ص: لم أتمالك أعصابي وخشيت أن يلحقني العار فطعنته
سب فمشادة كلامية انتهت الى مشاجرة وتسديد ضربة كادت تودي بحياة طالب اخر حاصل قصة م.ص الذي يقول: ذات يوم سبني طالب امام اصدقائي في ساحة المدرسة ولم يكن سبا عاديا بل وصفني بالـ«.....»، فلم اتمالك اعصابي، كما ان رفاقي طلبوا عدم السكوت على الاهانة، فكان ان تواعدنا خارج اسوار المدرسة حيث ضرب احدنا الآخر ضربا مبرحا، ثم سددت له طعنة كادت تودي بحياته، فلاذ رفاقي بالفرار ولم يأت المساء الا وانا في المخفر حيث رحلت في اليوم التالي الى الاحداث.
ع.م: الفزعة والمرجلة قادتاني للأحداثللفزعة دور مهم في حياة المراهقين، حيث يروي ع.م هذه القصة فيقول: ابلغ من العمر 17 عاما، وقد تشاجر احد رفاقي مع اخرين ففزعت له من باب الشهامة والمرجلة، وكانت اشبه بمعركة حامية الوطيس، ولانهم اكبر سنا مني واصغرهم بعام تم تحويلي الى الاحداث، وها انا انتظر الحكم في القضية.
الأعراض الخاصة بالإساءة الجنسية للأطفال
1 - حدوث اشكالات أو مصاعب صحية مثل حدوث حك مزمن أو ألم في المناطق الجنسية، وظهور أمراض جنسية.
2 - تصرفات جنسية لا تتوافق مع عمر الطفل.
3 - الالمام بالممارسات الجنسية بشكل لا يتوافق مع عمر الطفل.
4 - الخوف وتجنب المواجهة الجسدية.
5 - حل المشاكل عن طريق العدوانية (الاعتداء اللفظي، الجسدي، تجاه الأقران والبالغين وتجاه الحيوانات).
6 - عدم أخذ المسؤولية وتحميل الذنب للآخرين.
تأثير العنف المنزلي في الأطفال
1 - الشعور الدائم بالاضطهاد.
2 - الشعور الدائم بالضيق من أنه سيحدث عنف آخر، وظهور اضطرابات نتيجة للتوتر.
3 - شعور الطفل بأنه غير قادر على ايقاف العنف.
4 - الانعزال الاجتماعي وظهور اشكالات في العلاقات مع الزملاء ومع البالغين.
5 - تدني احترام الذات.
6 - تجنب دروس التربية البدنية أو عدم تبديل الثياب بشكل مشترك مع الأطفال الآخرين.
7 - الخوف من المواجهة الجسدية.
8 - الخوف من انكشاف الأمر أو الاتصال مع مسبب العنف.
دراسة تقرع أجراس الخطر:
%60 من الأطفال يتعرضون للعنف المنزلي
أكثر من 60% من الأطفال يتعرضون للعنف المنزلي مما يخلق أبناء عدوانيين وغير أسوياء.
هذا ما أكدته دراسة تربوية حديثة، مشيرة إلى أن %90 من حالات العنف في المنازل التي تتعرض لها النساء تقع أمام أطفالهن مما يجعل الصغار يقلدون هذا السلوك العدواني.
وقالت الدراسة التي أجرتها الجمعية الكويتية لحماية الطفولة إن آلاف الأطفال يتعرضون للعنف المنزلي وفي المدارس الأمر الذي يؤثر فيهم من نواحٍ عدة وينقلون هذا العنف إلى أقرانهم أو أي أشخاص آخرين «حيث يتحول العنف الواقع عليهم إلى وسيلة عادية للتواصل الاجتماعي»
تهديد نفسي
وقال الخبراء ان الاطفال الذين ينتمون الى عائلات يحدث فيها العنف المنزلي يصبحون عرضة للتهديد النفسي والعاطفي، أما في ما يتعلق بتحصيلهم الدراسي فان الاحتمالات عالية لديهم بتعرض مقدراتهم الى التركيز لاشكالات ويمكن لهم ان يتخلفوا عقليا وان يفقدوا المقدرة على مجاراة زملائهم دراسيا، كما يمكن لهم ان ينقلوا نموذج العنف الواقع عليهم وتطبيقه على زملائهم في المدرسة.
المعلمون
ان العاملين في المدارس لديهم فرصة نادرة لمساعدة هؤلاء الأطفال من خلال الكشف في الوقت المبكر عن تعرضهم للعنف المنزلي، الأمر الذي يمكن له ان يؤمن الدعم السريع والفعال لهؤلاء الأطفال ولأهاليهم. ويتواجد معلم المدرسة في وضع مثالي لأنه يمكن له ان يحدد مصاعب الطالب أو التلميذ، ويمكن له ان يفتح معه موضوع العنف ومساعدته على تجاوز الاشكالات والمصاعب التي يعانيها والتدخل ايضا لمصلحته.
وقالت الدراسة ان تحديد العائلة التي يحدث فيها العنف المنزلي لا يتم بسهولة، لان مرتكبي هذا الفعل يكونون عادة من ذوي الوجهين، أي انهم يتصرفون في المنزل بشكل مختلف تماما عن تصرفاتهم خارجه، ولذلك لا يصدق الكثير من الناس أحيانا بان هذا الشخص المؤدب يمكن له داخل منزله ان يحقر أو يهدد أو يضرب أفراد عائلته، وحتى الضحايا يحاولون التصرف ايضا امام الناس بشكل مختلف من خلال التظاهر بان لا شيء استثنائيا يحدث داخل منازلهم لانهم يخجلون من العنف، وبالتالي يصبح العنف الأسري سريا كون الحديث عنه محظورا ولاسيما بالنسبة للأطفال.
تغير السلوك
ويتصف رد فعل كل طفل على العنف المنزلي بالاختلاف غير انه في حال معرفتكم بالطفل لفترة طويلة فانكم بالتأكيد ستلاحظون حدوث تغير في تصرفاته، الأمر الذي يمكن ان يكون اشارة الى ان شيئا ما يحدث معه، فالأطفال الذين يكونون عادة من النوع النشيط والاجتماعي ويتواصلون بشكل جيد مع الآخرين يمكن ان يغيروا هذا السلوك ويعمدوا الى الانكفاء والالتزام بالصمت وتجنب الاتصالات المباشرة على خلاف الوضع بالنسبة للنوع الثاني أي النوع الانعزالي والهادئ، حيث يتغير سلوكه ويصبح معكرا للأجواء وينفجر بالغضب ويتهيج من أي حدث.
ان التوتر الطويل الأمد الذي يخلقه العنف في العائلة يؤدي الى استنفاد الطاقة وتراجع الانتباه والتركيز، ولذلك يمكن ان يقدم الطفل أو الطفلة الممتازان في الدراسة نتائج سيئة وبوتائر مختلفة، لان الأطفال عادة يردون على الأوضاع الصعبة والصدامية عن طريق الانكفاء أي العودة الى الفترات التي تم تجاوزها عمليا، مما يعني عمليا ان الطفل الذي كان يلفظ الأحرف والعبارات بشكل جيد يعود الى التأتأة فيما يعود الطفل الذي كان يجيد العادات المتعلقة بالنظافة الى التبول على نفسه.
ويمكن ان يظهر تأثير العنف المنزلي على الأطفال ليس فقط من خلال ممارستهم العنف على زملائهم أو البالغين وانما ايضا تجاه أنفسهم من خلال الحاق الأذى كشد الشعر أو حك الجلد وجرحه حتى ينزف دما أو غرس مختلف الأشياء الحادة بجلده أو التفكير أو تجريب الانتحار.
الحكومة تتقاعس في مواجهة ثقافة العنف
بناء البشر أهم من بناء الحجر!
«بناء البشر أهم بكثيرمن بناء الحجر!»
هذه الجملة المختصرة كانت تعليقاً من خبير تربوي على ما ورد في خطة الدولة التنموية من مشاريع كثيرة.
وحسب هذا الخبير، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإن هذه الخطة على الرغم من كثرة المشاريع الطموحة والكبيرة التي تضمها، فإنها لم تستهدف بناء «الإنسان الكويتي الجديد»، على حد تعبيره، بقدر ما استهدفت تأسيس بنية تحتية تضمن الرفاهية للمواطنين مستقبلا.
إسهال عقود
ويضرب هذا الخبير المثل بعقود المشاريع التي يوقعها وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية د. فاضل صفر بشكل يكاد ان يكون دوريا كل شهر، ويقول: هذه العقود تعكس ما تتضمنه خطة الدولة من مشاريع جبارة، ستدخل حيز التنفيذ عما قريب، لكن في المقابل، فإن الخطة خلت - إلا قليلا - من تلك المشاريع التي تستهدف تقويم شخصية الإنسان الكويتي وإعداده وتأهيله لاجتياز الألفية الثالثة، متسلحا بثقافة حقوق الإنسان، وقيم التسامح وقبول الآخر والتحاور معه كما هو.
وفي سبيل إيضاح الخبير لمقاصده، يتساءل: ما معنى أن نسعى إلى الوصول بخططنا الى العيش في مدن زجاجية، لكننا ما ان يختلف أحدنا مع الآخر، حتى نقذف بعضنا بعضا بالحجارة؟
مراكز خاوية
ويضيف الخبير: خطة الدولة تضمنت بعض المشاريع الثقافية المهمة، مثل بناء مجمعات ثقافية في المحافظات ودار للأوبرا، وغير ذلك من مشاريع قد تساهم في إيقاف موجات تجريف الحريات العامة وقيم حقوق الإنسان من المجتمع الكويتي.
بيد ان الخبير يضيف ان في الكويت ما يسمى بمراكز تنمية المجتمع، وهي تغطي معظم مناطق البلاد، ومجهزة بمسارح وقاعات لإقامة الندوات والفعاليات، إلا ان هذه المراكز بقيت خاوية على عروشها، لا يجد موظفوها عملاً سوى عقد جلسات شاي الضحى وما شابه.
منابع التطرف
بل ان الاسوأ - على حد زعم الخبير - هو تحول بعض تلك المراكز الى منابع تغذي المجتمع بالتطرف والأفكار المنحرفة، بسبب تولي بعض هذه المراكز من أشخاص ينتمون الى تيار الإسلام السياسي، فحولوا أنشطة تلك المراكز الى أنشطة دينية صرفة، وكأن هذه المراكز تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وتنفذ خطة عملها.
ان ما حدث في منطقة مبارك الكبير التعليمية من توغل جذور العنف وثقافته في المجتمع الى درجة قيام حدث بقتل زميله في المدرسة على مرأى ومسمع من زملائه، يؤكد لواضعي خطط الدولة، ان الوطن يحتاج الى الكثير، لكن ما يحتاجة المواطنون أكثر وأكثر.