الفخ الذي أنجب نكبة!
كتب عبدالرحمن خالد الحمود :
لقد بات من الواضح ان من حق رئيس حكومة العدو المتطرف نتانياهو ان يتخطى بوقاحته كل حدود المنطق والادب في ما يقول ويفعل، ما دام القادة الفلسطينيون في كل من حركتي فتح وحماس يرفضون الحدود الدنيا لاي تقارب في ما بينهما، حتى وان كان ذلك من باب التكتيك السياسي، الذي يبدو انهما لا يجيدان التعامل معه وللاسف، رغم مواقفهما المعلنة والرافضة لكل ما يقرره ويصرح به هذا المسؤول الصهيوني، وان اختلفت حدة ووتيرة هذا الرفض، الامر الذي يؤكد ان هؤلاء القادة قد وقعوا في الفخ الذي نصبه لهم هذا العدو عند انسحابه الطوعي من قطاع غزة ابان حكم الارهابي الاكبر شارون، الذي ارادوا به استغلال الظروف الجغرافية التي تفصل الضفة عن القطاع وايجاد البيئة التي تضمن نجاح هذا الاسفين المتمثل بهذا الانشقاق الرهيب الذي اخترعوه لهما، والذي يعيشه الفلسطينيون منذ قيام هذا العدو بهذا الانسحاب، بعد ان دانت غزة- فقط- لحركة حماس، رغم وصولها الى سُدّة الحكم عن طريق انتخابات شرعية ونزيهة، وعادت الضفة لحركة فتح ورئيسها بعد ان تنكّر هو واعوانه لكل من اختارهم شعبه حين سال الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية، معلنين قيام نكبة اخرى لا تقل فداحتها عن تلك النكبة الكبرى التي أعلنت قيام هذا الكيان المصطنع عام 1948، حتى اذا ما استمر التطاحن البغيض بين هذين الجناحين، الذي لم يدفع ثمنه سوى شعبهما المنكوب، تفرّغ الصهاينة- وبكل ثقة- للتوسع ببناء مستعمراتهم وبؤرهم الاستيطانية في الضفة وانشاء اخرى جديدة في المدينة المقدسة، وكما هو جار الآن الى ان ينتهي الامر بهم الى قيام هيكلهم المزعوم على انقاض اولى القبلتين وثالث الحرمين، امام عالمين عربي مكتوف الأيدي، واسلامي لم يحركا ساكنا، بعد ان سلما امرهما الى هيئة دولية تدير دفتها التي تعلن ليلا ونهارا تعهدها بضمان امن هذا الكيان المُغتص.ب وسلامته، اذا ما استثنينا تلك المواقف الصلبة التي ترسلها كل من طهران وانقرة والمتمثلة في تصريحات التحدي الايرانية وعلى لسان رئيسها المقتدر الذي لا يترك مناسبة الا ويهدد بها هذا الكيان المتغطرس ويتنبأ بزواله ويغدق بمساعداته المادية والعسكرية على «حزب الله» المناضل وقائده المخلص، بالاضافة الى تحديه المستمر لبناء مفاعله النووي، الذي بات الشغل الشاغل لعصابة تل ابيب ومصدر ازعاجهم، وكذلك التحول الايجابي الرهيب في السياسة التركية حيال القضية الفلسطينية، والذي بات يؤرق هذه العصابة، بعد ان كانت انقرة احد اكبر حلفائهم في المنطقة.
واذا كان هناك من امل يرجى فنراه في ارض الكنانة مصر، بعد ان تحد من انفتاحها اللامحدود على هذا العدو، وان تفتح معبر رفح على مصراعيه امام شعب قطاع غزة المحاصر لمساعدته في نضاله المشروع، وان تقدم التسهيلات اللازمة لكل من اراد مد يد العون لهذا القطاع واهله وليس بمحاكمته وزجّه في السجون، كي تعيدوا لنا ولهم تلك المواقف الخالدة التي ناضل من اجلها زعيم الامة الخالد جمال عبدالناصر، طيب الله ثراه.