فشلنا في التربية.. وكذلك في التعليم! |
| |
ظهرت نتائج الثانوية العامة، وكالعادة، كان ترتيب أبنائنا وبناتنا الكويتيين ليس ضمن العشرة الأوائل في القسم العلمي، وفي نهاية العشرة الأوائل في القسم الأدبي، حيث افتقد كشف العشرة الأوائل الطلبة الكويتيين في القسم العلمي، وجاء في كشف القسم الأدبي ثلاثة كويتيين في المراتب السادسة والثامنة والعاشرة، في حين حصلت طالبتان أردنيتان على المرتبتين الأوليين في العلمي والأدبي، ونالت طالبتان مصريتان المرتبة الثانية، وكذلك الثالثة في القسم العلمي، أما المرتبة الرابعة فكانت لطالب سوري، وتبوأ طلبة مصريون المرتبة الخامسة الى السابعة، واما المرتبتان الثامنة والتاسعة فكانتا لطالبتين سوريتين والعاشرة لطالب مصري. ان المتابع لمسار التربية والتعليم في الكويت يلاحظ ان شؤون هذين المجالين في انحدار شديد نحو الهاوية ولا نلقي العبء ولا نحمل الثقل على وزارة التربية ووزارة التعليم العالي فقط، فالمسؤولية الكبرى -في نظري- تقع على عاتق الأهل أولا، وذلك من خلال عملي وخبرتي العريقة في كلية تربوية تضم الآلاف من الطلاب والطالبات. ان الطفل الكويتي يذهب للروضة -كأول تعامل له مع العالم الخارجي- في سيارة فخمة وبرفقة السائق المهندم والمربية الكشخة التي تحادثه بلغتها او باللغة الانكليزية، وهذا أول تعليم له بان اللغة العربية ليست ذات ضرورة، وانما هي تدل على انه لا ينتمي الى فئة التميز في المجتمع! وتكتمل حلقات البعد عن التعلم الذاتي والاعتماد على النفس في المرحلة الابتدائية، فكل تلميذ لديه مدرس خاص بالبيت، والأهل يشترون له البحوث العلمية التي يطلبها المعلمون ويهبون للمدرسة الوسائل التعليمية ويتبرعون للمدرسة بالأموال وبأجهزة الحاسوب و.. و.. وفي المقابل فان غالبية المدارس تستحي منهم وتجاملهم بان تولي الأبناء الاهتمام الخاص وتمنحهم التقادير العالية! وتستمر مع الطالب هذه الأمور اللاسوية في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ومن في المرحلة الجامعية تستمر هذه المآسي وتستنفد الناشئة جهوده في الحصول على واسطة لنيل الدرجات العالية، ومن ثم الحصول على بعثة دراسية للحصول على الماجستير والدكتوراه! وبسبب ذلك يتفرغ غالبية الطلبة للمنازعات بينهم واجراء المعارك مع الشلة المعارضة خارج أسوار المدرسة وبسبب وفاة طالب -رحمة الله عليه- قبل فترة تم تشكيل لجنة بقرار وزاري لمحاربة العنف بالمدارس! وبالمعنى التربوي الصريح ان أبناءنا وبناتنا ليس بمقدورهم تحمل المسؤولية تجاه أنفسهم ولا تجاه أسرتهم ولا تجاه وطنهم. ففي البيت هناك الخدم والحشم والمعلم الخصوصي! وفي المدرسة هناك المعلم والاختصاصي والوكيل والمدير يدللونهم، ولا يربونهم على احترام الكبير سنا ومقاما، ولا يعلمونهم كيفية تحمل المسؤولية حين يخطئون، حيث تدخل الواسطة بوجهها القبيح لينجو الطالب المخطئ من العقاب، ألا تتساءلون عن أسباب ظاهرة الطلاق في المجتمع الكويتي؟! ان السبب الأساسي هو عدم قدرة أبنائنا وبناتنا على تحمل المسؤولية! فكلا الجنسين يريد من الآخر القيام بدوره ومهامه في الحياة الزوجية، ان الطلاب والطالبات الوافدين الذين حصلوا بجدارة واقتدار على المراتب الأولى في الثانوية العامة، انما يعيشون في شقق صغيرة وليست لديهم أسباب الرفاهية والنعيم التي تتوافر بسهولة ويسر لابنائنا وبناتنا وعلمتهم الأسرة الاعتماد على أنفسهم في الحياة، وأكدت عليهم ان الشهادة العلمية هي منفذهم الوحيد وسبيلهم الأكيد نحو الرقي والحياة الكريمة، واما أبناؤنا وبناتنا فان لم ينالوا التقادير العالية التي تتيح لهم الالتحاق بالجامعة، فهناك كليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وان لم يكن فهناك المعاهد التطبيقية او الدورات الخاصة. بالاضافة الى فلوس الأهل التي تتيح له اقتحام الجامعات في أرجاء العالم! ولا ننسى ان المجتمع الكويتي لا يتفاخر بالعلوم والمعارف ولا بالثقافة ولا بالشهادة الجامعية، وانما كل فرد فيه كفاه فخرا انتماؤه لعائلته او قبيلته او كتلته السياسية!
نبارك لابنائنا وبناتنا الوافدين تفوقهم، فهم زرعوا بجد واجتهاد وحصدوا ما زرعوا. في حين ان أبناءنا وبناتنا الكويتيين زرعنا نحن بدلا عنهم ولم نعتن نحن ولا هم بأمانة والتزام بما زرعنا، فحصدنا وحصدوا حنظلا! والله يستر من الغد. فاليوم أبناؤنا في سكرة خمر الرفاهية وغدا أمر.. ويا ويلنا وويلهم حين تذهب السكرة!!