مشكلة زوجية اسمها «المال» |
سليمة لبال
لم تكن المرأة مسؤولة في مجتمعاتنا التقليدية عن مصاريف الأسرة ولا أعبائها، والأمر سيان بالنسبة للأسرة الفقيرة والغنية، فرب الأسرة كان المسؤول الأول والوحيد عن تحمل جميع النفقات مهما بلغت، لكن مع تطور الحياة ومتطلباتها وتوجه المرأة نحو العمل خارج البيت، تغير الكثير من الأمور، وباتت المرأة تعاني من نوع جديد من المشاكل له علاقة وطيدة بالمال.
تقول المختصة في حياة الأزواج كارولين كروس ان المال من ابرز أسباب النزاعات والخلافات التي تنشأ بين الزوجين، ذلك أن له مرادفات ومفاهيم معقدة وأحيانا متناقضة، فهو مصدر للسلطة ومبعث للامان من جهة، ومن جهة أخرى هو مصدر للقلق وللصراع الاجتماعي.
وتقول كارولين ان طريقة إدارة المال بين الزوجين، تعكس طبيعة العلاقة المبدئية التي بني عليها الزواج.
موروث ثقافي
وللتربية التي نشأ عليها الزوجان والوسط الاجتماعي الذي ينتميان إليه دور كبير في توجيه هذه العلاقة الزوجية، ويمكن أن يؤديا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى نشوب خلافات كبيرة لان طريقة إدارة المال مرتبطة في الواقع بالقيم التي يتلقاها الفرد داخل الأسرة منذ الصغر.
فالفرد يتعلم في الأسرة ماذا يفعل بالمال وفي أي شيء ينفقه وهل ينفقه مرة واحدة ويعيش يومه فقط دون التفكير في الغد أو... الخ. تختلف بالطبع الإجابات عن هذه الأسئلة إذا ما كنا نملك القليل أو اليسير أو الكثير من المال مثلما تؤكده المختصة كارولين كروس التي تقول «مسألة إدارة المال لها علاقة بالموروث الثقافي العائلي، الذي نمنحه أطفالنا ونستثمره في دراساتهم في المستقبل، فبواسطة مسألة المال نكتشف الاختلافات الموجودة بين العائلات بشأن التعامل مع المال».
وعلاوة على التربية والوسط الاجتماعي، تقول كارولين كروس ان موقفنا من المال يرتبط أيضا ببنائنا النفسي وطريقة تعاملنا مع همومنا ومشاكلنا «بعض الأفراد يتحكمون في أعصابهم جيدا ويراقبون الأمور بحكمة بما في ذلك المال وأما بالنسبة لآخرين فان إنفاق المال بكثرة بإمكانه أن يسد أي ثغرة مهما كان مصدرها».
عندما نحب لا نحسب
في الواقع، تبدو الخلافات الزوجية التي يعود سببها الرئيسي إلى المال، كثيرة جدا ومنتشرة بشكل رهيب، لكن هل تساءلتم في يوم من الأيام كيف وصلتم إلى هذه الوضعية؟
من المؤكد أن المال لم يكن أبدا مشكلة بينكما في بداية علاقتكما، ومن المؤكد أن كل واحد منكما كان يدلل الآخر ويركض لمساعدته دون تردد إن كان في حاجة إلى المال. وشيئا فشيئا تطورت الوضعية وسكنتما بعضكما مع بعض، فزادت الاحتياجات والمتطلبات والنتيجة شجارات يومية حول المال والمصاريف، ما اثر على نفسيتكما وحياتكما بعضكما مع بعض.
بعد فترة من الزواج يصبح الزوجان حساسين لكل ما له علاقة بالمال، في البداية، يضحك احد الطرفين حينما يوجه اليه الآخر ملاحظة حول كثرة مصاريفه على سبيل المثال، لكن تتغير ردة الفعل بمرور الوقت.
ويبدو أن الحديث عن المال، قد أصبح من الممنوعات، فكارولين كروس التي تشتغل اختصاصية في العلاقات الزوجية منذ 25 عاما تقول انها لم تر في حياتها المهنية زوجين طلبا استشارة حول هذه القضية التي ترهق حياة الكثيرين، والسبب هو أن المال من الممنوعات لان الحديث عنه يُشعر الفرد بالعار والذل والخوف. باختصار الحديث عن المال لا يبعث على الراحة في نفس الفرد. وتضيف المختصة «كثيرا ما يأتيني الأزواج للحديث عن مشاكلهم الجنسية لكنهم أبدا لا يتطرقون إلى خلافاتهم بشأن المال».
حلول عملية
تقترح كارولين على الأزواج حلولا عملية لمواجهة أي مشكلة تتعلق بالمال:
1 - لا تترددوا في الحديث عن أي مشكلة تسبب لكم إزعاجا:
لا يجب على الفرد أن ينزوي ويكتم غضبه من الآخر دون أن يعبر عن وجهة نظره، عليكم أن تتطرقوا الى أي موضوع بهدوء بدل طرح أسئلة قاتلة على نحو «ماذا تفعل بمالنا ؟»، أو «عليك أن تفكر في العائلة بدل التفكير في تغيير الكمبيوتر؟»، أو «أتساءل ماذا فعلت بمرتبك؟».
عليكما أن تنسيا هذه الجمل لأنكما لن تستطيعا تجاوز الخلاف إذا ما أراد كل واحد منكما أن يحمل الآخر الذنب.
2 - ابحثوا عن السبب الرئيسي للخلافات
كثرة الشجارات وعدم تمكنكما من حلها يعني أن المشكلة الحقيقية ليست المال وإنما هي أمر آخر، وتقول المختصة كارولين كروس ان المال ليس مصدرا دائما للخلافات وإنما هو من الأعراض لذلك من الضروري البحث في ما وراء المشكلة.
3 - احتفظوا باستقلاليتكم المادية
في السابق كان الأزواج في أوروبا يفتحون حسابا مشتركا يودعون فيه مرتباتهم الشهرية، لكن ينصح المختصون الأزواج بإيداع مبلغ معين في هذا الحساب يتماشى مع دخلهم، ويغطي مصاريف البيت المشتركة، فيما يحتفظ كل طرف بمرتبه في حسابه الشخصي، لان الاستقلالية في التصرف في المال الشخصي تعني حرية أكثر واستقرارا للحياة الزوجية.