فساد الرأي
كتب محمد حمود الهاجري :
كتب عيسى بن علي إلى المنصور لما همّ بقتل ابي مسلم:
«إذا كنت ذا رأي فكن ذا تدبر
فان فساد الرأي ان تتعجلا».
فأجابه المنصور:
«إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فان فساد الرأي أن تتردد».
فأي فساد الرأي ذلك الذي تعانيه الكويت اليوم؟ هل هو فساد الاستعجال أم التردد؟
لا شك ان التردد آفة مدمرة لاصحاب القرار مهما كان المنصب الذي يشغله صاحب القرار هذا، والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى في دولتنا.
لنعترف بان التردد هو السمة الملازمة للحكومات المتعاقبة، وآن الأوان لها ان تصبح حكومة ذات عزيمة وألا تتردد بوضع آرائها موضع التنفيذ من دون اي تلكؤ، فقد اودى التردد بالبلد الى التراجع المستمر دون ان نرى اي بارقة امل بتحرك قاطرة التنمية!
فالفساد المستشري لا يخفى على احد والكل اجمع على انه متغلغل بكل اروقة الاجهزة الحكومية، فما الذي يمنعنا من تصفيته ولماذا التردد بمباشرة خطوات القضاء عليه؟
حين قررت الحكومة القضاء على مظاهر التعدي على املاك الدولة، لم تتردد ولم تراجع احداً ولم تلتفت الى الصراخ والعويل اللذين علَوَا من البعض، وبدأت بتحديد انواع التعدي ومن ثم منحت المهلة الزمنية المعقولة للتصحيح من قبل المخالف، ثم حركت جرافاتها وآلياتها ورجالها وشرطتها لدك المخالفات والتعديات على كل من تجاسر على قوانين واملاك الدولة «إلا من رحم ربك!!»، وأصبح عمل لجنة الازالة دليلا على توافر القدرة والامكانية لدى الحكومة لاصلاح الاوضاع متى ما كان رأيها سديداً، معززاً بالعزيمة، مدعما بالقانون، نابذا للتردد والتراجع بالقرار.
اليوم الحكومة تواجه مسؤوليات جسيمة اكبر وملفات متشعبة اكثر وخططاً معقدة، ومخاطر محدقة لا تحتاج الى لجان او مستشارين او منظرين، فكل ما تحتاجه الحكومة هو القرار القاطع الذي لا رجعة فيه، فالقوانين لمصلحتها والاجهزة المعاونة بصفّها وحتى غالبية اعضاء مجلس الامة يدعمونها، فهل نقبل باستمرار تخلفنا عن اللحاق بالركب خوفا من صراخ هنا لا معنى ولا اساس له، او عويل من هناك ينتظر اللقمة ليسكت؟!
العزم والحزم هما سلاح المرحلة المقبلة، وما لم تستخدمه الحكومة اليوم وبكل جرأة وشجاعة وثقة، فلن نرى من خطة التنمية سوى الامنية.